وإنما يهمني نقض هذا الرأي لأنه على ضعفه يرفع رأسه من وقت إلى وقت، ويخيل للناس أنه قادر على الحياة وأنه يستطيع أن يمشي على رجلين أو على أربع، وأنه خليق بأن تُنصَبْ له الموازين!
وهذه الشبهة لها صورة من صور الحق:
فاللغة العربية ليست لغة مصرية، وإنما هي في الأصل لغة أجنبية حملتها العقيدة الإسلامية
هذه الشبهة تحمل وجهاً جميلاً من وجوه الحق، ولكنها تذكر بحكاية اللص الذي رأى صاحب الدار يجول في أرجاء داره فصاح: من الذي هناك!
أيها القراء
أسمعوا الحجج الآتية، ثم كذبوني إن استطعتم، ولن تستطيعوا أبداً. أنتم تعرفون أن أهل مصر تكلموا اللغة العربية نحو ثلاثة عشر قرناً، فهل تعرفون أن المصريين تكلموا لغة واحدة ثلاثة عشر قرناً قبل أن يتكلموا اللغة العربية؟
هل يستطيع رجل من علماء الآثار المصرية أن يثبت أن أهل مصر كانت لهم لغة واحدة في أي عهد من العهود قبل أن يعرفوا اللغة العربية؟
إن التاريخ يؤكد أن المصريين قبل الإسلام كانت لهم لغة في الشمال ولغة في الجنوب، ويؤكد أنهم عرفوا لغة ثالثة هي اللغة اليونانية، وكانت لغة رسمية في بعض العهود، وربما استطاع التاريخ أن يقول إن مصر كان فيها ثلاث لغات: لغة لأهل مصر الوسطى ولغة لأهل الجنوب ولغة لأهل الشمال
وقد يستطيع التاريخ أن يؤكد أن بعض الأقاليم المصرية عرفت اللغة العربية قبل الإسلام. والتشابه بين اللغة المصرية واللغة العربية أثبته كثير من الباحثين منهم المرحوم أحمد باشا كمال وأحدِّد الغرض فأقول:
إن اللغة التي تسود سيادة تامة في قطر من الأقطار ثلاثة عشر قرناً لا تكون لغة أجنبية وإنما تكون لغة قومية. وسيأتي يوم تسمى فيه اللغة العربية باسم آخر هو اللغة المصرية، لأن العرب الأصليين في حوا ضرهم وبواديهم لا يتذوقون اللغة الفصيحة كما يتذوقها المصريون، ولولا مصر لانقرضت لغة العرب منذ أجيال طوال