الشاعران يتقارضان المدح أو الهجاء، وأهل المجلس يرددون اللازمة. . . (الميجنا) أنشودتنا الأزلية التي لا يعلم أحد من نظم أول مقطع منها ولا متى ينظم آخر مقطع. . . ثم أخذنا في الأغاني البلدية (هيهات يا بو زلف):
من هُون لَ أرض الدير ... من هُون لَ أرض الدير
والسّر اللي بيننا ... أيشْ وَصَّلُو للغير
وان كان ما في ورق ... لَ أكتب عَ جناح الطير
وان كان ما في حبر ... بدموع عينيّ. . . . . . . . . .
تلك الأغاني التي ولدت في أودية الشام المختبئة في سر الغيب لا يعلم بها إلا أهلوها والله العالم بكل شيء، وذراه التي لا يسكنها إلا أهلوها والنور
. . . فيا أيها المصطافون بالله عليكم، لا تقفوا عند صوفر وبحمدون وبلودان، بل تغلغلوا إذا أردتم أن تشاهدوا الجمال جمال الفطرة، واهبطوا أودية، وارتقوا ذرى، واركبوا الدواب، وسيروا على الأقدام، ولكن لا. . . لا أيها المصطافون بالله عليكم، انسوا ما قلت لكم، ودعوا الجبل على فطرته، اتركوه يعيش على جهله الفاضل، وفقره السعيد. لا تحملوا إليه الحضارة التي أفسدت بلودان وصوفر وبحمدون. . .
هذه الحضارة، ويل لنا من هذه الحضارة!
لقد سلبتنا كل شيء! فهل تسلبنا موسيقانا؟ إنا لا نجد ساعة الضيق إلا أغانينا وأنغامنا، نصب فيها آلامنا ونستوحيها الأمل ونمسح بها دموعنا. أفتريدون ألا يبقى لنا وزر نلجأ إليه ساعة الصبق؟
إن الموسيقى غذاء الروح، فشأنكم، قلدوا أوربة في كل شيء لكن دعوا لنا غذاء أرواحنا. أفتحبون ألا نجد لأرواحنا غذاء فنتركها تذوي وتموت؟
هذه صرخة قلوبنا، فهل يصغي إليها هؤلاء الذين وهبهم الله نعمة الفن ليحفظوا علينا فننا، فذهبوا يضيعون بهذه النعمة فننا؟ هل يصغي عبد الوهاب نابغة العصر؟
غني والله لأسمع في السينما أغاني القوم من أهل أوربة، فلا أحس طرباً ولا أرى فيها إلا اختلاطاً في الأنغام من باب. . .
سقياً ورعياً وزيتوناً ومغفرة ... قتلتم الشيخ عثمان بن عفانا