الجرمانية الألمان والسكاندناويين والدانمارك، وفي قمة هذا الهرم تماماً تكون ألمانيا. (أنظر كتاب ص ١٤٠) وهكذا طبق هتلر عقيدة الزعامة الفردية على الزعامة الأممية، فكما أن هتلر هو زعيم الألمان الذي يجب أن يطاع لما له من مواهب الزعامة الموهوبة الفطرية فكذلك يريد أن يجعل شعبه في قمة الزعامة الأممية التي لا يرتقي إلى مصافها شعب
كان من الطبيعي أن يعاني العلم والفن من جراء هذه النظرية مصاعب شتى ولا سيما العلوم العقلية منها كالفلسفة وعلم الاجتماع وعلم التربية والسياسة والاقتصاد وخصوصاً التأريخ الذي يعتني به هتلر عناية خاصة، وخصص له عدة صحائف في كتابه كفاحي لأنه يرى في التأريخ خير درس وعبرة للأفراد والشعوب على الطريقة التاريخية القديمة التي تنسب إلى المؤرخ اليوناني توكيديدس (٤٦٠ - ٤٠٠ق. م) والمعروفة في التاريخ باسم أو التأريخ التعليمي. وبما أن الطريقة العلمية في مثل هذه الموضوعات حرة وآراء الأساتذة مختلفة طليقة تكره التحيز والتعصب، لذلك كانت مهمة العلماء في مثل هذه الموضوعات صعبة جداً. والنتيجة المنطقية لذلك كانت إحجام الكثير منهم عن التأليف وتبيان آرائهم بصراحة، وإجهاد الفكر لإيجاد براهين جديدة لتحقيق نظرية الزعامة وقلب العلم رأساً على عقب. ولو تصور القارئ مثلاً أن علم التاريخ حسب هذه النظرية يجب أن يقلب رأساً على عقب تماماً عرف صعوبة المهمة الشاقة ونظر العلماء الأجانب إلى أمثال هذه الآراء. فالنظرية النازية الجديدة في التاريخ ترى أنه من الكفر الابتداء منذ اليوم بالتاريخ القديم بممالك الشرق الأدنى كالمصريين والبابليين والأشوريين، بل ترى في ذلك الخطأ الفادح لأن من عقيدتها أن الحضارة الجرمانية أساس الحضارات، ومن الجرمان أخذت الشعوب الشرقية حضارتها مستدلة يذلك على نظريات الهجرة، وتوسع السكان الذي جرى ولا يزال يجري إلى الآن، وعلى حفريات تقوم بها المؤسسات الألمانية ثم تحكم هي بنفسها على تقدير أعمار المكتشفات الأثرية وقدمها. ولا شك أن ذلك مما يسخر منه علماء الأقطار الأوربية الأخرى ولا يدينون به، وكذلك علماء ألمانيا أنفسهم، ولكن السياسة طبعاً هي التي تتغلب الآن على العلم
يقسم علماء التاريخ اليوم في ألمانيا العالم إلى قسمين: شعوب سياسية تنشئ التاريخ وتكونه