للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المرابين، وتوسع عليهم، وتحفزهم للعمل والتثمير حسب الأصول الحديثة، فتجلب الخير والمنفعة، وتغنيهم عن بيع أراضيهم لليهود

والمسئول عنه الآن: هل يكن ديننا الحنيف في هذه المعضلة الاجتماعية كشأنه في سائر المعضلات سمحاً سهلاً يتمشى مع المصلحة، وينطبق على ما تقتضيه نظم العصر الحاظر، فيجد الناظر فيه رأياً لا يخالف القرآن الكريم، ولا يصادم السنّة الشريفة، يجيز أمثال هذه المعاملات (المصرفية) من عقد قروض بربا قليل لا يضر بمصلحة الآخذ ويفيد المعطي، لا سيما أنه يؤخذ من ظاهر بعض الآيات، ويؤخذ من حالة العرب قبل الإسلام في مداينهم بالربا، أن المقصود بالنهي الربا الفاحش الذي يؤدي إلى خراب بيت المدين كما حصل ويحصل مع كثير ممن لو تداينووا بربا قليل لوفوا ديونهم وعادوا سيرتهم الأولى من السعة والغنى. وهذا الربا الفاحش هو ربا الجاهلية (وربا الجاهلية موضوع) وهو (الأضعاف المضاعفة) وبه يحصل التقاطع والتباغض بين الناس. أما الربا الخفيف فلعله يكون من أسباب المودة بين المتداينين

ثم ألا يجد الناظر في الدين حرجاً بناء على هذا - إذا صح - أن يحمل الآيات الشريفة المحرمة للربا على الربا المعهود (أي ربا الجاهلية، وهو الربا الفاحش) ويحمل الأحاديث على هذا المحمل. وتبقى الحكمة في عدم التحديد حث الناس على التعامل بقروض المجانية تنزهها عن شبهة الربا، ليكون ذلك أدعى للتآلف والتعارف؟ وإذا أبى نص حديث - والنص من الراوي - هذا المحمل، أفلا نتركه؟ إذ لا يصح أن تقف أحاديث الآحاد في وجه المنفعة والعمران وتقدم المسلمين؛ والعمران وتقدم المسلمين وقوتهم يغلب على الظن أنها مقصد من مقاصد الدين حتى يكون الدين كله لله

أقول: هل يجد الناظر في الدين رأياً كذلك؟ فإن كان فالرجا أن تفصلوا علله وأسبابه وأدلته، وإن لم يكن هناك ما يساعد على هذا الرأي فأرجو بيان ذلك مع الحكمة أيضاً وهل هناك إجماع يكون خرقه كفراً على تحريم الربا مطلقاً قليلة وكثيره؟ أم لا يكفر المتأول، ومن يأخذ بالظاهر؟ أفتونا. . .

وهذا جواب الإمام رشيد رضا رحمه الله بحروفه:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: إن من الإرهاق لي أن أكلف أن أجيب عن الأسئلة التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>