الأحوال، وذلك معروف في اللغات الأجنبية ففيها تعابير منسية الأصول وهي تؤدي المراد منها بلا عناء
وهنا يزعم أحمد أمين أن الشاميين والعراقيين لم يروا الضب ولم يعرفوا عنه شيئاً؟
وأعتقد أن الصواب غير ما قال، فالشاميون والعراقيون عرفوا الصحراء وما فيها من ضباب ويرابيع
واستنكر أحمد أمين أن يقول المصريون والعراقيون والشاميون (عيون المها وجيد الغزلان) وتعجب من أن يقول ابن الجهم
عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
ثم قال: وأين المها في بغداد أمام عليَّ بن جهم وأين المها في مصر والأندلس؟
وأنا لم أزر الأندلس حتى أقر أو أنكر كلام أحمد أمين، فقد لا يكون فيها غير الظباء الإنسية، وإنما أستطيع أن أحكم بأن أحمد أمين ينكر الواقع المحسوس حين يقول بأن أهل بغداد لا يرون الظباء، فقد رايتها بعيني تباع وتشترى في شارع الرشيد ولا يزال البغداديون يذهبون لصيد الغزال في نواح كثيرة منها سامراء. وعفا الله عن السيد حسين النقيب الذي مناني بالخروج لصيد الغزال ثم اعتذر بشواغل مجلس النواب
ومن تقاليد أهل بغداد أن يربّوا الظباء في دورهم كالذي رأيت في دار الشاعر ناجي القشطيني، أراني الله وجهه الأصبح في خير وعافية!
ومن أطعمة أهل بغداد لحم الغزال، وقد أكلته بشهية في دار ظمياء أعزها الحب!
والبصريون يرون الغزلان حين يشاءون، فمنها أسراب تمرح وتلعب بالقرب من بلدهم الجميل
والشاميون يعرفون الغزلان معرفة أكيدة لأنها تجاورهم في الصحراء الشامية
أم المصريون فهم يعرفون الظباء، وهي كثيرة جداً في الصحراء الغربية، وهم يطاردونها من وقت إلى وقت، وقد حدثنا الأستاذ محمد خالد بأنه اشترك في مطاردة غزال، وتلك إحدى الأعاجيب، فقد كنت أحسبه من طراز الأستاذ أحمد أمين
وكلمة (طراز) تدخل في الموضوع، فهي في الأصل علم الثوب، كما يعبر صاحب القاموس، ثم نسى ذلك الأصل وصار الغرض هو المماثلة في الشمائل والخصال