للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ستهدى هذه المرة، وأن يكون أصحابه الأربعون في مكان (شورة) العروس، والمراد أن يندس هؤلاء الشبان داخل القبب التي تكون في صحبة العروس، وأن يكونوا عوناً لزعيمهم على ما يريد.

وتم كل شيء، فتسلح زعيم الطلبة الرشيد بن الشريف كما تسلح أبطاله الأربعون واتخذوا مطاياهم من الجمال فوقها الأخبية والقبب، وسار موكب الفتاة من فاس إلى ضواحي تازة من غير أن يكون فيه ما يبعث على الارتياب والظنون.

ولو كان لابن مشعل قليل من دهاء الزباء لأنشد مثل ما أنشدت هي في قصتها الشهيرة إذ قالت:

ما للجمال مشيها وئيداً

أجندلا يحملن أم حديداً

أم صَرفَانا تارزا شديداً

ولو أن ابن مشعل قال هذا لأجابه الرشيد في نفسه:

بل الرجال قبضاً قعودا

ثم قالت الأسطورة: ووصل الركب إلى دار ابن مشعل من غير أن تحوم حوله ريبة أو شكوك، فاستقبله اليهودي بسرور الظافر، وغبطة المنتصر، وأمر في الحال بإغلاق أبواب الدار، إذ كان قد استعجل لقاء الفتاة التي لن يجد شبيهتها في بنات إسرائيل، ولكنه ما استعجل إلا لقاء حتفه؛ فلقد حدث ما لم يكن في الحسبان من قبل. لم يشعر المسكين أن رأى جيشاً من الأبطال الغائصين في سلاحهم قد أحاطوا به إحاطة الجزارين بالذبيح؛ ثم سالت الدماء في بطاح دار ابن مشعل، حتى لم يبق بها دم حي

وفي صباح اليوم التالي أجمعت كلمة الطلبة الأربعين على مبايعة زعيمهم الرشيد فبايعوه على سنة الله ورسوله ملكاً على المملكة المغربية.

وأراد الرشيد أن يكافئ رجاله الأشداء على ما قاموا به من أعمال جسام، فأقام لهم سلطنة هزلية مؤقتة، وجعلها إرثاً مشاعاً بين جميع طلاب الجامعة القروية - عدا الفاسيين - يتبوأن عرشها أسبوعاً واحداً في العام كله

تلك هي الأسطورة التي تسير على أفواه رواة التاريخ المجهول؛ ولعلنا لا نحتاج إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>