للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تضعيفها من الوجهة التاريخية بعد ما ذكرناه عن حياة السلطان الرشيد وكيفية جلوسه على عرش الملك المغربي العتيد

وبرغم ما في هذه الأسطورة من التزيد والتلفيق فإنها تستند في أصل وضعها إلى شيء من الحقائق التاريخية التي أشار إليها بعض الثقات من المؤرخين، فإنه قال ما معناه: وفد السلطان الرشيد يوم كان يتهيأ للجلوس على عرش المغرب ويعمل على إفهام الشعب أنه خليق بهذا العرش على رئيس يدعى الشيخ اللواتي، وبينا هو في ضيافته إذ رأى رجلاً يصطاد في هيئة الملوك وحوله حاشية من المماليك والفرسان فسأل عنه فقيل هو ابن مشعل من يهود تازة وقد عتا فيها وتجبر. فتنحى الرشيد سريعاً وجعل السكين في فمه (وذلك علامة تأكيد الاستعطاف والاستنجاد في أخذ الثأر ونحوه) واستقبل الشيخ اللواتي، فلما رآه هذا بادر إليه قائلاً: لبيك يا سيدي! نفسي ومالي طوع يديك. فأخبره الرشيد بما رأى ورجاه أن يؤلف له كتيبة من إخوانه الأشداء ليفتك بهذا اليهودي الذي يستطيل بنفسه على المسلمين وهو تحت حكمهم وفي أرضهم. فجرد له الشيخ اللواتي جيشاً من العرب البواسل تبلغ عدته نحو الخمسمائة وتواعد الرشيد مع جيشه الصغير على أن يلحقوا به متفرقين مختفين تحت أستار الظلام

وسار الرشيد إلى دار ابن مشعل التي تبعُد عن تازة ببضعة أميال، واستضاف اليهودي فأضافه. وعندما جن الليل، وهجع الناس كان رجال الرشيد قد أحاطوا بالدار وهم تحت السلاح، وعندئذ تسلل الرشيد من مضجعه، واحتال في دخول بيت ابن مشعل فبطش به في صمت ثم أشار لأصحابه فتسلقوا الأسوار وهجموا من كل جانب، ولم يشعر ساكنو القصر حتى وجدوا أنفسهم مغلولين في الأصفاد لا يستطيعون خلاصاً مما وقعوا فيه

وهكذا نجح الرشيد في هذه المؤامرة وأضاف إلى نفسه ما وجده من الأموال والذخائر فاشتد بها ساعده وقوى نفوذه

ويقف بنا المؤرخ عند هذا الحد فلا يذكر شيئاً عن سلطنة الطلبة. غير أنا نستطيع نحن أن نتم القصة بما رواه أحد العلماء استطراداً إذ قال: إن مولاي الرشيد هو الذي سن نزهة الطلبة التي جرى بها العمل كل سنة بفاس ومراكش أيام الربيع وذلك أنه لما فتك بابن مشعل واحتوى على ما كان لديه من الذخائر جعل لمن كان في معييته من الطلبة نزهة

<<  <  ج:
ص:  >  >>