والعقل الباطن إنما يمثل رغبات النفس الحقيقية؛ أما العقل الواعي فيمثل رغباتها العرفية التي أقرتها البيئة وارتضتها التقاليد؛ وذلك الصراع الذي ينشأ بين رغبات العقل الباطن ورغبات العقل الظاهر هو الذي ينتهي أحياناً إلى الاضطرابات العصبية. فإذا نجحنا في إطلاق الغرائز المكبوتة نجحنا في توفير الهناء المعنوي للنفس. لذلك أخذ فرويد يعالج الأمراض العصبية بالكشف عن مخزون العقل الباطن وهو ما يسميه بالتحليل النفسي. ويقول فرويد إن الأحلام هي تعبير عن رغبات العقل الباطن فلا تنبئ عن المستقبل ولا تدل عليه.
وله في تفسير الأحلام كتاب ضخم يؤيد به هذه النظرية من طريق التحليل العلمي والمنهج القويم
وقد انبسط سلطان المذهب الفرويدي على الأدب والفن والفلسفة والتشريع، وأحدث موجة من التفكير في أحوال الإنسان الداخلية سيكون لها الأثر البالغ في توجيه حياته وتقدير عمله
خطبة منبرية من نوع جديد
ألقى الخطيب الكاتب الأستاذ محمد عبد الرحمن الجديلي مدير قسم المساجد بوزارة الأوقاف خطبة الجمعة الأولى من شعبان في مسجد يحيى باشا الذي صلى به صاحب الجلالة الفاروق المعظم، فكانت الخطبة في إنشائها وإلقائها ومغزاها نمطاً عالياً في فن سحبان الذي ضعضعه الزمن حتى انقلب بيانه لغواً على الألسنة، كما انقلب سيفه خشباً في الأيدي. وطرافة هذه الخطبة أنها تشعرك بجدة الدين ومسايرته لكل عصر ومطابقته لكل حالة؛ فقد عالج فيها الخطيب أعراض الحرب القائمة من الخوف والتخاذل والأثرة والادخار والاحتكار بطب من كلام الله وحديث الرسول كأنما نزل به الوحي أمس. ولقد كان أثر هذه الخطبة بليغاً في نفوس من سمعوها في المسجد أو في المذياع حتى كتب إلينا كثير منهم يطلب إلى وزارة الأوقاف أو وزارة الشؤون الاجتماعية أن تضع أمثال هذه الخطبة فيما يحزُب الناس كل يوم من أمور العيش ومشاكل الحياة ثم توزعها على الخطباء في المدن والأقاليم، فإن في ذلك توثيقاً لنظام الجماعة بقانون الله، وتحقيقاً لغرض الشارع من سن هذه الخطبة