وزر - أنظر إذن! هاهو جوابي! هاتان العينان الخامدتان المفقوأتان كأنهما حجران أسودان كئيبان! آه! إنك تسميني النذل يا عنترة وما النذل الا أنت!
شيبوب - قد بلغ السيل الزبى!
عنترة - (وهو يزيح شيبوب عن وزر)
إنني أجهل أمرك، ولقد أسرتك من قبل وأنا راع صغير الشأن وأنت فارس مدجج بسلاحك ثم سافرت في مساء ذلك اليوم وسلمتك إلى غيري ولا أعلم ما فعلوا بك في غيبتي وأنت أسير
وزر - ألم تك أنت الذي أمرت أن يفقأوا عيني؟
عنترة - (وقد غير لهجته شيئاً فشيئا)
كلا! فاني لا أعرف أن أسيء إلى ضعيف. أما كنت أستغرب ما حصل لك منذ هنيهة؟ وكيف لي وأنا الذي ما زلت أحارب ورائدي الشرف ومبدئي النبل أن تعزو ألي هذا الجرم الفظيع دون عذر أو مبرر. أو يتهمني به عدو مقهور موتور نهش صدره الحسد. إنني فتنت بالحروب وهي صناعة كثير من الملوك ذوي الحول والطول وغيرهم من السادة الأمجاد الذين لا يستطيعون أن يشقوا لهم طريقا إلى الأفئدة ويعتقدون أنهم بالغوها بظبأ البيض الصفاح، وهذا خطأ ظاهر وما فتئ الإنسان عرضة للخطأ
أيترك الإنسان حنقه ليبطش بالمقهورين ويخفي أرواحهم من أعماق جفونهم ويسلبهم حقهم في هذا النور حتى يجعلهم أمواتا وهم أحياء كلا! ثم كلا! وأقسم بهذا الهلال الصيرفي الذي بزغ في السماء، انني لا أستطيع أن أقترف مثل هذا الإثم. إنهم يريدون أن يلوثوا اسمي بمثل هذه الريبة ويجردوني من الخير الوحيد الذي يقود إلى المجد والفخار وهو الطيبة. . . فهل تثق بي إذن؟
وزر - أثق؟. . . نعم!. . . أود أن لا أثق، إنني أبحث في قلبي وأفتش في ذاكرتي لان