وانخداع بعض السذج الذين يميلون إلى تصديق كل ما يقال لهم مقروناً باسم الدين دون أن ينتبهوا إلى ما قد يكون وراء هذه الأقوال من المقاصد الخفية
فأرى من واجبي أن أوجه أنظار جميع المسلمين العرب إلى هذا الأمر الهام، واطلب إليهم ألا ينخدعوا بتدليس الشعوبيين في هذا الباب
٥ - لعل أغرب وأخدع الآراء التي أبديت حول قضية الوحدة العربية والوحدة الإسلامية هو الرأي القائل بأن فكرة الوحدة العربية من المصنوعات الإنكليزية التي خلقت لمحاربة (الوحدة الإسلامية) وذلك لفصل الهند عن سائر الأقطار الإسلامية، تسهيلاً لدوام السيطرة عليها
أنا لا أستطيع أن أتصور رأياً اكثر بعداً من حقائق التاريخ والسياسة وأشد مخالفة لأحكام العقل والمنطق من هذا الادعاء الغريب
فإن التفاصيل التي ذكرتها آنفاً عن علاقة الوحدة الإسلامية بالوحدة العربية تكفي لإظهار خطر هذه المدعيات من حيث الأساس
مع هذا أرى أن أضيف إلى تلك التفاصيل بعض الملاحظات لزيادة البرهنة والإيضاح
إن كل من ينعم النظر في مكاتبات الملك حسين للإنكليز، وكل من يلاحظ اتجاهات السياسة البريطانية في عدن والعقبة وفي فلسطين وفي جزيرة العرب، يفهم بداهة أن القول بأن الإنكليز يشجعون فكرة الوحدة العربية تشجيعاً حقيقياً يكون افتئاتاً على الواقع صريحاً
لا ينكر أن الإنكليز سايروا الحركة العربية وصانعوها أكثر من سائر الدول، وما ذلك إلا لأنهم أكثر مرونة في السياسة وأسرع فهماً لنفسيات الأمم وحقائق الاجتماع. . .
إنهم عرفوا القوة الكامنة في الفكرة العربية قبل غيرهم، فرأوا أن يسايروها بعض المسايرة ويصانعوها بعض المصانعة - عوضاً عن محاربتها مباشرة - ليدفعوا ضررها عنهم ويجعلوها أكثر ملاءمة لمصالحهم.
وأما قضية (حكم الهند) فيجب أولاً ألا يغرب عن البال أنها ليست مسألة إسلامية بحتة - فأن المسلمين في الهند لا يؤلفون أكثرية السكان، كما أن في الخلاف القائم بين المسلمين والهندوس مجالاً واسعاً لتسهيل سيطرة الإنكليز على تلك البلاد. ومما لا شك فيه أن حكم الإنكليز لا يتم في الهند نفسها، بل يتطلب السيطرة على طرق المواصلات الجوية