كانت هذه هي الحالة إلى اليوم الذي نتحدث عنه، ومع أن الكيميائيين قد أطالا البحث فإنهما لم يستطيعا أن يجدا أي صلصال يمكن صنع الفخار الأبيض منه
وفي الصباح الذي ذكرناه وضع الكيميائي على رأسه شعره المستعار وهو ذاهل الذهن واستمر على عمله، ولكنه شعر بثقل وباكتئاب، وأخيراً خطر بباله أن الشعر المستعار أثقل من العادة فنزعه ليرى سبب غنائه فوجد أن المعدن الأبيض الذي ذر على الشعر المستعار معدن لم ير مثله من قبل، وقد وضع خطأ بدل المسحوق العادي
ولما عثر بوتجر على الوصيف الذي وضع هذا المسحوق سأله عن سره وأخبره الخادم المذكور أنه لم يكن سيئ القصد في إحداث هذا التغيير وأخبره أن رجلاً أسمه شنور وجد محجراً يتخرج منه هذا المسحوق بالقرب من قرية (أو) وباع له جزءاً مما استخرجه منه، وقال هذا الخادم إنه وجده أصفى بياضاً وأليق بالشعر المستعار، لأنه سيبقى مدة أطول
وفحص بوتجر هذا المسحوق كما لا بد أن يكون قد تبادر إلى ذهنك واستنتج أنه على الأرجح هو الكاولين الذي طال البحث عنه والذي كان السياح الآتون من الصين يتحدثون عنه
وعلى أثر هذا الاستكشاف ذهب بوتجر إلى ذلك المحجر واشتراه باسم أمير سكسونيا، وتمكن من صنع عجينة من صلصال كالتي يصنعها الصينيون
وفي سنة ١٧١٠ لم يكن في سوق ليبزج تلك الأطباق التي تصنع من الفخار الأحمر فقط بل وجد إلى جانبها نماذج قليلة من فخار أبيض صنعه فون فردريك بوتجر تحت رعاية أغسطس الأول أمير سكسونيا
في العام التالي صار يصنع الفخار المعروف باسم (مسين) في حصن (مسين) بالقرب من درسدن، وبدأت صناعة الفخار السكسوني، وهو النوع المشهور الذي يصنع في درسدن.
ولم يستفد بوتجر المسكين إلا قليلاً من استكشافه هذا. فإن أغسطس الذي أصبح في الوقت نفسه ملكاً على بولونيا، كان حريصاً على سر صناعة الصيني مثل حرصه على أمواله ومثل حرص الصينيين على سر صناعة أوانيهم.
وكان العمال الذين يشتغلون في هذه الصناعة يسجنون في الحصن ويحملون على أن يقسموا على الاحتفاظ بسر صناعتهم إلى أن تطوى عليهم القبور، وكان بوتجر نفسه في