وكذلك يقال في الأدب الفرنسي حين يصدر عن أرض فرنسية أو بلجيكية أو سويسرية
فكيف يمكن أن يتفرد العرب بالخروج على هذا القانون الذي تفرضه طبيعة الوجود على سائر الناس
وهل يجوز في ذهن عاقل أن تكون جيمية ابن الرومي نسخة ثانية من جيمية الشماخ لوحدة القافية؟
وهل يصح أن تكون تائية حافظ إبراهيم في رثاء محمد عبدة صورة من تائية دعبل في التوجع لأهل البيت بحجة الاتفاق في الوزن والقافية؟
إن احمد أمين ينظر في ديوان جاهلي وديوان إسلامي فيرى قصائد تشابهت في القوافي والأوزان فيحكم بأن الشعر لم ينتقل من حال إلى حال، وإن اختلفت الأماكن والأجيال
ولو نظر غيره هذه النظرة لقلنا أنه يحكم أحكاماً عامية، ولدعوناه إلى الانسحاب من ميدان الدراسات الأدبية
من واجب أحمد أمين أن يفهم أن أساتذة الجامعات لا يصح لهم الوقوف عند ظواهر الأشياء، فأقل مزية لرجل الجامعة أن يكون في إحساسه كالشاعر الذي قال:
أسمع في قلبي دبيب المنى ... وألمح الشبهة في خاطري
وأحمد أمين أستاذ في كلية الآداب، وهي كلية على جانب عظيم من الكبرياء، وهي تأبى الاعتراف بأي معهد يقارعها في هذه البلاد، ولا تنظر إلى سائر المعاهد الأدبية إلا بعين الاستخفاف
والمنزلة التي صارت إليها كلية الآداب بفضل جهود أساتذتها الكبار من المصريين والأجانب توجب على الأستاذ أحمد أمين أن ينظر في كل كلمة يكتبها خمسين مرة قبل أن يعرضها على الناس
فأين كان حرصه على مكانة تلك الكلية يوم زعم أن الأدب العربي لم يتطور قط، وأن الأدب الجاهلي ظل يسيطر عليه من عصر إلى عصر حتى خنق مواهب أحمد شوقي وحافظ إبراهيم؟
وهنا يتسع المجال لعرض سرقة جديدة من سرقات احمد أمين فهل يعرف هذا الباحث الكبير من أين أخذ القول بأنه يجب أن نضع القنبلة مكان القوس؟