قصائد الرثاء بالنسيب، وذلك أغرب ألوان الشذوذ، وقد أحصيتُ من هذا النوع عشرين شاهداً هي في مذكراتي بمصر، فليعذرني القارئ إن اكتفيت بالإشارة إليها في هذا الحديث)
وصرح أحمد أمين بأن المعاني القديمة لم تخضع للتجديد، وإنما نقلها الشعراء بلا تجميل ولا تحسين. أفلا يصح القول بأنه سرق هذه الفكرة مما جاء في كتاب (البدائع) ج ١ ص ٢٩.
(إن شعراءنا يدورون حول الحسن فلا يرون منه غير ما كان يرى الأقدمون. فحيرةُ الشاعر اليوم هي حيرة أسلافه منذ قرون مع أن النفوس قد تعقدت أشد التعقد، وهذا الحُسنُ - إن لم يلطف الله - ماضِ في الفتك بلفائف القلوب، وقد جدّت للأرواح أزمات جديدة ومطامح جديدة لم يَشْقَ بها الأولون، فليس من المغالاة في شيء أن نصارح القراء بأن الغزل في شعر شوقي وأضرابه من المعاصرين أصبح أعجز ما يكون عن وصف ما في نفوسنا وأرواحنا وقلوبنا من ألوان القلق والظمأ والالتياع).
واهتم الأستاذ أحمد أمين بتوكيد القول بأن نزعة القرآن روحية لا حِسيّة. فنال بذلك ثناء الأستاذ محمود علي قراعة الذي عدّ كلامه من المبتكرات، فهل يعلم أن هذا الكلام مسروق من قول صاحب (التصوف الإسلامي) ج ٢ ص ٧.
(وأقرب الآثار الصوفية إلى أذهان الناس هو القرآن، ذلك الكتاب الذي أطال القول في وصف الدنيا وذمها وثلبها وتحقيرها، وقضى بأنها لهو ولعب، وأنها في نضارتها ليست إلا متاع الغرور. القرآن هو أقرب الآثار الصوفية إلى أذهان الناس وإن جهلوا ذلك، هم يعدّونه كتاب تشريع ونراه كتاب تصوف. إن التشريع في القرآن ليس إلا تنظيماً للعلاقات الدنيوية، والعلاقات الدنيوية في نظر القرآن هي تمهيدٌ للصلات الروحية: صلات الناس بالله الكبير المتعال، وكلُّ مَغنم لا يُقرِّب المرء من ربه هو في نظر القرآن ذُخرٌ باطلٌ سخيف)
ومع ذلك يقال إن أحمد أمين يدعو إلى الروحانيات وإن زكي مبارك يقاوم الروحانيات!
فيا ربَّ هل إلا بك النصر يُرتَجَى ... عليهم؟ وهل إلا عليك المعوَّلُ؟
غفر الله لي ولكم، يا إخوان هذا الزمان!
ويوصي أحمد أمين بقَصْر دراسة تاريخ الأدب على المعاهد العالية والاكتفاء في المدارس