للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذا هو مجمل لرأي لورنس في العلاقة التي يجب أن تكون بين الوالدين وولدهما وبين الابن ومن سوف تشاركه حياته المستقبلية. والآن فلنحاول تطبيق ما قلنا على إحدى روايات لورنس المهمة، وهي (الأبناء والمحبون) فهذه الرواية هي ترجمة دقيقة لحياة لورنس، وحوادثها هي تجاربه الخاصة، وأشخاصها هم الأشخاص الذين احتك بهم في الجزء الأول من حياته وكان لهم أكبر الأثر في حياته المستقبلية. وفيما يلي الخطاب الذي أرفقه لورنس بالرواية بعد أن فرغ منها وأرسله إلى إدوارد جارنت أحد الناشرين، ومن هذا الخطاب نقرأ الرواية باختصار:

(تدور حوادث هذه الرواية حول امرأة من طبقة النبلاء أحبت عاملاً من طبقة الدهماء وتزوجت منه. ولكن كانت الشقة بين ثقافتيهما واسعة فلم تتفق حياتهما في نقطة واحدة، فانصرفت الزوجة عن زوجها وانصرف هو عنها. وبعد أن أعقبت منه أطفالها استعانت بهم لإشباع رغباتها الغريزية بعد أن فشل في ذلك زوجها. وكان من جراء حبها الجارف لأطفالها أن شبوا يفيضون حباً لها ويبادلونها عاطفة بعاطفة. ولكن أتى ذلك الوقت الذي وصل فيه الولد إلى سن الرجولة وشعر بالرغبة الملحة في داخلية نفسه نحو الحب، حب امرأة غريبة عنه، ولكن أتى له ذلك وأمه تملك عليه كل مشاعره وتقيده بتلك الأغلال التي لا يستطيع لها كسراً؟ ورغم ذلك فقد حاول الاتصال بامرأة، فشعر بالانقسام داخل جسمه لأن قلبه كان نهباً بين حبين، حبه لأمه وهو حب قوي جارف، وحبه للمرأة الأخرى، ذلك الحب الذي لا يستطيع أن يعيش بدونه، ولقد كان من جراء هذا الانقسام أن مات الولد الأكبر لأنه لم يحاول مقاومة أو دفاعاً. أما الابن الأصغر فقام للدفاع عنه تلك المرأة التي كان يريد أن يجعلها شريكة حياته، فقاتلت الأم ودافعت عن مركزها دفاعاً مجيداً. ولقد دام هذا النضال طويلاً ولكن النصر في النهاية كان للأم وباءت المرأة الأخرى بالفشل، وذلك لأن مركز الأم كان أمنع وأقوى من مركز المرأة، وحتى بعد أن ترك الأمر للابن أي الكفتين يرجح؛ عمد إلى كفة أمه فرجحها لصلة الدم التي تربطهما معاً، ولم يأبه للمرأة الأخرى التي تحطم قلبها وتكسرت آمالها. وفي النهاية تدرك الأم خطورة الدور الذي تلعبه وأثره السيئ في حياة أولادها فمرضت وأشرفت على الموت، ولكن لم يمنع هذا من أن يهجر الولد المرأة بتاتاً ليلازم أمه ويقوم بالعناية بها. وأخيراً تموت الأم وتكون النتيجة أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>