ألقى حضرة صاحب المعالي اللواء محمد صالح حرب باشا وزير الدفاع خطبة قوية رائعة في احتفال الكلية الحربية صباح الخميس ٢ نوفمبر، بمناسبة تخرج طائفة من الضباط الذين أتموا دراستهم. وأشهد لقد قرأت هذه الخطبة في الصحف، فاهتزت مشاعري حماسة وإعجاباً بما اشتملت عليه من معان وطنية سامية، تبعث العزة والكرامة في النفوس، وتحفز إلى التضحية والاستشهاد في ميدان الشرف!
ومعالي الوزير أديب واسع الاطلاع، دقيق الفهم لأسرار البيان، وخطيب بالغ الحجة قوي التأثير؛ وهو فوق هذا صاحب عقيدة راسخة وخلق متين.
أستهل معاليه خطبته البليغة بقوله:(أبنائي الأعزاء، إن موقفي اليوم منكم هو موقف التهنئة والتبريك، فأهنئكم من كل قلبي. أهنئكم بالنجمة الأولى في سماء المجد والشرف، وأهنئكم بالسيف المصلت في سبيل الوطن الغالي!).
يا له من توجيه سديد والتفاتة بارعة! نعم إنها النجمة الأولى التي يزهو بها حاملها في سماء المجد والشرف، لا بين نجوم المسرح وكواكب الصالات. . .
إنني لأذكر مع الأسف ذلك المشهد المؤذي للكرامة والشعور حين وقفت إحدى الراقصات تلقي منلوجاً مطلعه:
النجمة في كتفك عاجباني ... والسيف على وسطك خلاني
حبيتك يا ملازم ثاني. . .!
فما كان من أحد الضباط وقد استخفه الطرب إلا أن قام في عربدة واستهتار يطلب الترديد والمزيد، ثم طوح بطربوشه في الفضاء، مزهواً بالنجمة الآفلة والسيف الذليل!
فأي ضابط من أولئك الذين سمعوا وزيرهم النبيل يلقي عليهم ذلك الدرس البليغ في تقدير هذه الشارات الرفيعة التي ترمز إلى المجد والعظمة والسمو، تحدثه نفسه بعد ذلك بالنزول إلى هذا المستوى الوضيع؟
لقد ترك معالي الوزير السابق أجمل الذكرى وأطيب الأثر، حين أمر بعدم ظهور الضباط بملابسهم العسكرية في هذه الميادين. وفي ذلك معنى بليغ يجب تدبره وتقديره، وهو أن الضابط الذي يزج بنفسه في هذه النواحي لا يستحق التمتع بشرف الجندية.
وحبذا لو أتم معالي الوزير الحالي خطوات سلفه، فلم يجعل هذا الخطر قاصراً على