وأما أن الأنباط أطلقوا اسم (الشرقيين) على القبائل التي تناوحهم من جهة الشرق، فالتسمية سابقة لدولة النبط، كما لا يخفى على المطلع، وقد ذكرها اليونان والرومان في تواريخهم
بقي علينا أن نبيّن للقارئ معنى قول مؤرخي الكنيسة في القرن الرابع (إن (السارازين) انضموا إلى (الإسماعيليين) الذين كانوا يقيمون في صحراء قدش (لا قادش كما قال الأستاذ) في مقاطعة فاران) اه. فهذا معناه أن السرويين، وهم أهل الجبال، انضموا إلى الإسماعيليين، سكان السهول والصحارى ليكونوا كتلةً واحدة. وليس ثَمَّ غير هذا المعنى. ولم يعرف الهاجريون باسم السرازين، إلا لأنهم كانوا منضمين إلى أهل السراة العليا، أو سراة الأزد
وقد أحسن الأستاذ العمودي في تزييف من قال إن السراكينوي لا تزال سلائلهم ممثلة إلى اليوم في قبيلة (السواركة) تلك القبيلة البدوية الصغيرة التي تعيش إلى هذا اليوم على شواطئ البحر بين العريش وغزة، إذْ هذا حديث خرافة
فلم يبقَ لنا إلا القول بأن (الساراكينوي) أو (السارازين) أو (السرازين) هم (السرويون) أو أهل السراة أو السرَوات. وكانوا معروفين في صدر الإسلام بهذا الاسم. قال في التاج في مادة (س ر ى): (وكثيراً ما يذكر الدينوري في كتاب النبات عن السروبين أي من أهل السراة) اه
وفي الكامل للمبرَّد (٢: ٢٨٧ من طبعة مصر):
(. . . ومن اليمن من غيرهم، عبد الّله بن الطُفيل الأزدي ثم الدّوْسِيّ، ذو النُور، أعطاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم نوراً في جبينه، ليدعو به قومهُ، فقال: يا رسول الله، هذه مُثلة، فجعلهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوْطهِ، فلما ورد على قومه بالسراة، جعلوا يقولون: إن الجبل ليلتهب، وكان أبو هريرة ممن اهتدى بتلك العلامة) هـ
فهذه شهادة بَينة على أن أهل السراة عرفوا الإسلام منذ عهد الرسول. فلا عجب بعد ذلك إذا عرف المسلمون بلفظ (السرويين)
وأخذ السرويون ينافحون عن دينهم، ويفتحون الفتوحات مع كبار القادة منذ نأنأة الإسلام. ففي تاريخ الطبري في أخبار سنة ١٤ للهجرة (١: ٢٢١٧ من طبعة الإفرنج): فخرج سعد ابن أبي وقّاص من المدينة قاصداً العراق في أربعة آلاف: ثلاثة ممن قدم عليه من اليمن