فأنت الكاعبُ الرُّودُ ... فما الظبيُ وما الرَّبرب
خذي روحي إلى مصرٍ ... فمصرُ الوطنُ الأقرب
ثم تثور النزعة الوفدية في صدر الشاعر فيصيح:
سلى قلبي عن الحبِّ ... فقد ذاب من الوجد
فكم لابَ على الروض ... وكم حام على الورِدِ
سليني شاحبَ اللونِ ... فمن سُهدٍ إلى سُهدِ
خذي قلبيَ للوفدِ ... فأني في الهوى وفدي
ولم يكتف (وفديُّ الهوى) بهذه الزفرة، بل انتقل إلى انشقاق الوفد وهو يصرخ:
عجبنا أمَّ كلثوم ... من الحادثة الكبرى
لماذا انقسم الوفدُ؟ ... ومن ذا بَيَّتَ الأمرا؟
أَلاَ مَنْ يجمع الشَّملَ؟ ... ألا من يطرد الشرًّا؟
خُذِى حِذْرك يا مصرُ ... ورُدِّي الكيدَ والمكرا
وتوجع الشاعر لما صار إليه سعادة الأستاذ محمد نجيب الغرابلي باشا فقال:
رأيت الخصمَ جذْلانَ ... بما جَدًّ من الخُلف
أحقًّا فَصَلَ الوفدُ ... (نجيباً) وهو في الصفَّ
فهذا الحادثُ البِكرُ ... أرانا مواطنَ الضعفِ
إلى الوحدةِ يا مصرُ ... إلى الإشفاقِ والعطفِ
نظمت تلك القصيدة في مثل هذه الأيام من سنة ١٩٣٢ فهل كانت آخر زفرة من زفرات الأستاذ باقر الشبيبي في التشوق إلى أم كلثوم وإلى الوفد المصري؟
إليكم هذا الخبر الطريف:
في بواكير الربيع من سنة ١٩٣٨ اجتمع نادي القلم العراقي بمنزل سعادة الدكتور فاضل الجمالي، وكانت الجلسة برياسة معالي الأستاذ محمد رضا الشبيبي، وكانت الكلمة يومئذ للأستاذ عبد المسيح وزير، فما الذي قال؟ أخذ يقرأ قصة من قصصه فاشتركت مع الأستاذ عباس العزاوي في السخرية من خياله الجميل!
وعند نهاية القصة طلبت الكلمة لأحاسب (القارئ)، ولكن معالي الأستاذ محمد رضا الشبيبي