ولا يهتم به. والممثل بعد أن يشبع من التمعن في هذه الملامح الروحية يبدأ فيرسمها في نفسه هو، ويشكل روحه بشكلها ويكون تمثيله بعد ذلك إبرازاً لها، وأقدر الممثلين على هذا من لم تكن لروحه هو ملامح قوية ناتئة تستعصي تغطيتها على الماكياج الروحي، وهؤلاء الممثلون القادرون هم الذين تكون نفوسهم شديدة الشبه بنفوس الأطفال فهي بريئة صافية تعيش على الفطرة والحق، ولعلك قد لحظت أن الأطفال أقدر من غيرهم على تقليد الناس وتصوير نفوسهم والمظاهر الواضحة التي تنثرها نفوسهم على أجسامهم. . . ولو كان الناس كلهم يعيشون على الفطرة وعلى الحق لكثرت بينهم أوجه الشبه، بل ربما كانت أشكالهم تتوحد فلا يكون بينها خلاف، والذي يعزز هذا الرأي هو ما نراه من توحد أشكال الحيوانات التي من فصيلة واحدة - ولا أقول ألوانها - فهذا التوحد لا مرجع له إلا أن الحيوانات تسلك في حياتها المسلك الفطري الحق
- فكأنك تقول إن اختلاف ملامح الوجوه في الناس يرجع إلى اختلاف الملامح في أرواحهم
- هو هذا. وإن كنت لا أنكر آثار البيئة والوراثة وغيرهما
- ومعنى هذا أن الذي يسيطر على حياة الإنسان نفسه وليس بدنه وغريزته الجنسية كما يقول فرويد
- لو كانت الغريزة الجنسية هي التي تسيطر على حياة الإنسان لما اختلفت أشكال الناس، وإنما الغريزة الجنسية نفسها تخضع لذوق الإنسان والذوق عامل نفسي لا بدني
- ولكنك قلت مرة إن له مرجعاً يرده إلى كهرباء الجسم
- وقلت لك وقتها إني أستعمل كلمة الكهرباء حيث أريد أن أقول (الروح) وإني أختارها لأضمن ارتياحك وارتياح الناس إليها فهي عند أهل هذا العصر أقرب إلى العقل من كلمة الروح. . .
- فهل تريدني أن أعرف الروح على أنها كهرباء؟
- يصح ولكن على أن تكون كهرباء لها إرادة ولها عقل ولها عواطف ولها ذاكرة ولها أمل ولها صلة بالماضي ولها صلة بالمستقبل ولها كل ما للحياة من مميزات تسمو بها على الجمود والموت
- ملامح الأرواح التي تتحدث عنها هي ملامح هذه الكهرباء. . .