وقد أشار أحد مؤرخي العرب في القرن الرابع عشر إلى إحراق الأفيون وإضعاف العدو بما ينبعث منه من الأبخرة السامة وقد وجد في مكتبة المواد السامة في برلين كتاب مؤرخ في سنة ١٤٣٧ يعطي فكرة عن صنع القنابل السامة المحتوية على الزرنيخ. وقد أدرك المتقدمون أن بعض الغازات تحوي ثقلاً أخف من الهواء، ورأى العالم اللتواني (سيمونكسيس) في أواسط القرن السابع عشر أن يجعلها في ثقل الدخان الذي ينبعث من الحشائش المحترقة، ويزعم أنه بذلك يستطيع أن يخلق جواً ساماً لا ينجو منه إنسان.
وإلى هنا تنتهي المرحلة الأولى من تاريخ الغازات السامة، وإذا كنا لم نر أحداً أقدم على استعمالها حتى عام ١٩١٤ فليس ذلك لأن العاطفة الإنسانية هي التي وقفت دون ذلك، ولكن المحاربين كانوا يخشون عند إلقاء القذيفة السامة، أن يصيبهم دخانها كما يصيب أعداءهم وقد قدم كيميائي إنجليزي إلى نابليون اختراع قنبلة سامة فلم يوافق عليه. ثم كثرت المخترعات التي من هذا النوع وتعددت في القرن التاسع عشر، وفي سنة ١٩١٢ أجمعت جميع الدول في مؤتمر لاهاي على عدم استعمال الغازات السامة، ولم تسمح باستعمال شيء منها على الإطلاق، وقد أباحت استعمال الغازات التي تسيل الدموع لأنها لا تسبب للإنسان علة يعسر شفاؤها
ولكن ألمانيا استعملت الغازات في أواخر أكتوبر سنة ١٩١٤ مناقضة بذلك تعهدها في مؤتمر لاهاي. إلا أن القذائف التي استعملتها لم تف بالمرام، فقد كانت ضعيفة القوى سريعة الزوال فعدلت عنها بعد عدة محاولات، ولكنها عادت إلى استخدامها في فبراير ١٩١٦.
وقد أحرقت ألمانيا في ثلاث سنوات ونصف ٧٥. ٥٠٠ طن من الغازات السامة، وقد بلغ عدد الذين أصيبوا من الجنود الفرنسية بهذه الغازات ٥٠٧. ٠٠٠ جندي، وقد ثبت أن ٢٧ % من الجنود الذين فقدتهم الحملة الأميركية في الحرب ماتوا بالغازات السامة