البطولة والثبات!
وكتب شاعر تحت الصورة هذه الأبيات:
(المخلوق الضعيف القليل النصير في ألعوبة من ألاعيب الأقدار، يبدو أنها ختام قدّر له
من وجود.
(تولته صداقة (التيمس) فامتدت به حبال الأجل الممدود.
(ووثب من ذراعي الموت إلى أحضان الشهرة والخلود.
(لقد كان مجهولاً لا عنوان له بين قطط العالمين.
(فارتقى سلم الشهرة قفزة واحدة إلى مكانها المكين.
(مذكور الأحزان والأشجان بين الناس، معروف الشجاعة على كل لسان مبين، من
المادحين والمعجبين.
(والآن تتلقى أنباءه أمواج الأثير، وهو قابع في المحجر مستقر أمين.
(يشرب اللبن ويستطعم الغذاء، ويلعب ويطرب ويستكين.
(وعلى ضفاف السويد من خليج بوهاس الجميل الموصوف.
(ينتهي منظر القصة المنظومة، وتبتدئ شهرة توني المنسوف.
(وتسري على (الكاتيجات) أنفاس الخضم، وآهات الخريف!).
اقرأ هذه القصيدة الظريفة وقل معي: يا لذلك القط من حيوان مجدود!
بل قل معي: يا للإنسان من حيوان مكدود منكود!
ولا تعجب أن تكون هذه عنايته بقط مسكين، وفي العالم حرب ضروس تنذره بهلاك الألوف أو الملايين.
أو إن عجبت فاعلم أنني لا أعجب مما أرى وأسمع من أشباه هذه الأنباء، ولا أراها أهون ولا أهزل من أن تشغلنا بعض الشغل في هذا البلاء أو عن هذا البلاء.
فأهون ما فيها أنها لا تيئس من العاطفة الإنسانية، وأنها تزيدنا علماً بسرائرنا النفسية، وأنها توازن ما في الحرب كلها من عداء، بما في ودائع القلب الآدمي من شغف بالمودة وحرص على الولاء، وشوق إلى الوفاء.
إن عداء الحرب لا يستنزف ما في النفس من ينابيع الرحمة بل ينبش عنها في الأعماق