أراك انزعجت، أيها القلب.
الحمد لله، فلا يزال في الدنيا إخوان يزعجهم العتاب. وبالرغم مني أن يرقّ الصخر الذي جعلتُه علامة القِبلة في أوقات الصلوات لا تجزع، يا قلبي، فلن أعاتبك في كل يوم، فلست بالصديق الذي يشوك أصدقاءه بالعتب في كل حين.
أراك غضبت.
اتق الله والحب، أيها القلب، فقد صبرتُ على تجنِّيك عدداً من السنين، وما يجوز لك أن تثور على من ينطق بكلمة الحق مرة واحدة بعد أن صبر على كلمة الزُّور ألوف المرات.
كنت أودّ أن ألقاك بالهجر الجميل، أيها القلب، كما تعودت أن ألقاك في الليالي الخوالي، ولكني رأيتك تعدّ سكوتي علامة من علائم العجز أو دلالة من دلائل الشُّبهات، فاسمع صوتي يا جاحد، لتعرف أني أملك الثورة عليك حين أشاء.
ومن العجز أن تظن أن التفريط في حق الصديق يمرّ بلا عقاب، كما مرّت حسنات الصديق بلا ثواب.
تلك أيامٌ خَلَتْ. فأعدّ نفسك العاشق الذي صحا وأفق.
ما هذا؟ ما هذا؟
أراك تبكي وتنتحب أيها القلب.
أمن دعابة وجهتها إليك يتفجر حزنك وأساك؟
فكيف أكون وقد قضيت السنين الطوال في رأب ما يَصدَع الأصدقاء؟
كيف أكون ولي في كل يوم رفيق يغدر، وصديق يخون؟ أنا أثور عليك أيها القلب؟
وكيف وقد صفحت عن ذنوب قوم أسكنتهم في سوادك؟
أنا الأخير بين من تَعمَى عيونهم عن عيوب الصديق، أيها القلب.
وأنا الأخير بين من لا ترى عيونهم غير محاسن الصديق، أيها القلب.
فاغدر كيف شئت، وليغدروا كيف شاءوا، فأنا أحق من (الحجَر الأسود) بِحَمل الذنوب وسَتر العيوب.
ولن أنطق إلا يوم ينطق الحجر الأسود، فإن نطق فسأعتصم بالصمت.
أتراني أمنّ عليك، أيها القلب؟