ولكن الفنلنديين دافعوا عن استقلال بلادهم ورفعوا نير السويد عنهم ثم ارتدوا إلى وثنيتهم الأولى إلى أن جاءهم في سنة ١٢٠٩ مبشر إنجليزي آخر اسمه البطريق توماس فأعادهم إلى المسيحية ونجح في فصل فنلندا تقريباً عن السويد وجعلها مقاطعة تابعة رأساً للبابا.
وقد اضطرت السويد من جراء الحروب المتتالية بينها وبين الروسيا أن تحتل فنلندا فاحتلتها زهاء ستمائة سنة وأدخلتها ضمن مملكتها. وفي سنة ١٣٢٣ جعلت حدود فنلندا هي الحد الفاصل بينها وبين روسيا. وقد نشر السويديون مدنيتهم وثقافتهم بين الفنلنديين فعلموهم الزراعة وشتى ضروب الفنون والصناعة، ومنحوهم نفس الحقوق التي يتمتعون هم أنفسهم بها.
وفي سنة ١٥٢٨ أدخل جوستاف فاسا الديانة البروتستانتية في فنلندا التي رفعها الملك جون الثالث إلى درجة دوقية عظمى.
وقد خسرت فنلندا خسائر كبيرة من الحروب المستمرة بين السويد والروسيا والدانمارك.
وفي أوائل القرن السابع عشر أسس الملك جوستافوس أدولفوس مجلس النواب الفنلندي المسمى (ديات) وجعل أعضاءه من أربع طبقات: الأشراف ورجال الدين وأصحاب الأراضي والفلاحين. وقد شجع التعليم فأنشأ المدارس وأدخل الطباعة وشيد الكنائس.
وفي حكم شارلس التاسع (١٦٩٢ - ١٦٩٦) تحملت البلاد شدائد ومتاعب عظيمة من جراء ما حل بها من القحط والأوبئة فهلك في أبرشية (أبو) نحو ستين ألفاً في أقل من تسعة أشهر.
وفي سنة ١٧١٦ ضم بطرس الأكبر قيصر الروس فنلندا إلى أملاكه، ثم استردتها السويد بعد ذلك ولكنها تخلت عنها وعن جزر ألاند في سنة ١٨٠٨ للروسيا، ونظراً لما رآه إسكندر الأول الروسي من شجاعة الفنلنديين فقد أبقى فنلندا كدولة شبه مستقلة وجعلها تحتفظ بقوانينها وعاداتها فاجتمع البرلمان الفنلندي ونادى به دوق فنلندا العظيم فأقسم على احترام دستور البلاد وديانتها وشرائعها وحريتها. واستمرت مدينة (أبو) عاصمة للبلاد حتى سنة ١٨٢١ ثم انتقلت إلى هلسنكي ولم يجتمع البرلمان بعد ذلك لمدة ٥٦ سنة، ثم دعاه اسكندر الثاني في سنة ١٨٦٣. وفي حكم اسكندر الثالث نقض الروس عهودهم وأنزلوا بفنلندا من ضروب الاضطهاد ما غرس بذور الحقد والكراهية لهم في قلوب الفنلنديين الذين