للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وعرض عليه أن يكون وزيره الأول وأن يكون له ما شاء من الرأي في وضع دستور تحكم به المملكة على أساس ديمقراطي.

ورد مازيني بأنه لن يرضى بغير الوحدة للإيطاليين جميعاً وما به حاجة إلى السلطة ولا نزوع إلى الجاه ونعيم الحياة لأن هذه أمور تصغر أمام غرضه الأسمى الذي تحمل في سبيله ما سلف من مصائب الحياة. . . ولم يرد الملك على الزعيم بعد ذلك فقد يئس من ضمه إليه.

ولا ريب أن إصرار مازيني على مبادئه وعدم التساهل فيها خلة من أبرز خلال الزعماء، بل هي عندي أكبر هاتيك الخلال وأهمها، وماذا يبقى للزعيم من زعامته إذا هو تهاون فيما يرى أنه الحق وفيما جاهد فيه جهاده؟

وما لبث أن تجمعت عوامل الهزيمة فأحاطت بجيش الإيطاليين فإن البابا بيوس التاسع ما لبث أن أعلن استنكاره رفع الحسام في وجه النمسا وهي من أكبر الدول الكاثوليكية؛ وقد أدى هذا إلى أن يسحب ملك بيدمنت جنوده من الميدان؛ كما أن الخلاف بين الزعماء قد فت في عضد المتطوعين فتخاذلوا ثم قعدوا وتركت بيدمنت وحدها تحارب جيوش النمسا. وما لبث شارل أن انهزم في كستوزا، فتراجع إلى ميلان وتبعته جنود النمسا إليها فسقطت في أيديهم بعد قتال شديد وانسحب منها شارل وجنوده.

وخرج مازيني من ميلان قبل أن يصل إليها جيش النمسا؛ وذهب يبحث عن المتطوعين من رجال غاريبلدي، وكان هذا المجاهد البطل قد أخذ بقسط من هذا الجهاد القائم، ولكن حماسة المتطوعين لم تغن عنهم شيئاً أمام تفوق النمسا في العدة والعدد فتفرقوا كما تفرق الجيش الرسمي، وتم للنمسا النصر على شمالي إيطاليا، ولحقت بالمجاهدين خيبة أخرى وكانوا من النصر على قاب قوسين. وحار مازيني ماذا يفعل وقد هده الإعياء وأحزنته الخيبة؛ ولكنه فكر في الذهاب إلى الولايات الوسطى ليدعو هناك إلى مبادئه الجمهورية على أساس الوحدة عسى أن يجد في القلوب بقية من العزم أو أثراً من الرجاء، وندم مازيني أشد الندم على أن لم يذهب إلى تلك الولايات الوسطى منذ قيام الحرب ليدعو أهلها إلى الجهاد القومي فتكون منهم قوة إلى جانب قوة الحرب الرسمية.

وكان البابا قد فر من أملاكه واعتصم بملك نابلي، فأمل مازيني أن ينشأ من أملاك البابا

<<  <  ج:
ص:  >  >>