للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- ألم يقل لك (بخ)؟

لا. . . وإنما كان يهرول إلى جانب الجدران وقد انشغل كل الانشغال عن الدنيا وكل ما فيها بما لا يمكن أن يكون إلا تسبيحاً؛ فلما قرأ عليه الذي كنت معه السلام رد السلام في خفوت وسرعة ركبت فيها حروف السلام بعضها بعضاً. . .

- إذا كان هذا هو كل ما سمعته وأريته فإني أستطيع أن أقول إن الذين سمعتهم يطبلون الطبل الرهيب بشر، وإن الذي رأيتماه وحياه صاحبك بشر أيضاً. . .

- وعلى الرغم من أنه كان معنا ثالث لم ير شيئاً مم رأيناه. . . ولم يسمع، فأنا لا أقول غير ما تقولين.

- إذن فلا جن ولا عفاريت.

- إنكارك هذا راجع إلى أنك تتصورين الجن من غير الناس بينما هم ناس. وكل ما في الأمر، عندي، أنهم يختلفون عن الإنس بأنهم جنوا بمحبوب، لكل منهم محبوب. وهم ينطلقون إلى هؤلاء بإحساسهم وتفكيرهم وأخلاقهم وأجسامهم وكل كيانهم ولم يعودوا بعد ذلك يأتنسون بغيرهم من الناس، وقد يسندني في هذا أن العرب رووا أقاصيص كثيرة عن الجن وأنهم كانوا يظهرون للناس ويحادثونهم ويعاشرونهم أحياناً، والقرآن الذي نزل بلغة العرب ذكر الجن بلغة العرب وعني الجن الذين يعرفهم العرب. . . زيدي على ذلك أن بعض أئمة المسلمين أباحوا للمسلمين التزوج من الجن المسلمين وأهل الكتاب، ومعنى هذا أن الجن ناس يكونون جناً أحياناً، ويكونون إنسا أحياناً. أو يلزمون حالة الجنة إذا استغرقوا فيها.

- إذا كان هذا ممكناً فإنه ممكن أيضاً أن يتحول الإنسان إلى جن. . . أليس كذلك؟

- كل شيء ممكن. فقد كان إبليس ملكاً وتحول إلى جن بعد أن فسق عن أمر ربه، والملك الذي أرسله الله لمريم يبشرها بعيسى تمثل لها بشراً سوياً. وسئل النبي (ص) كيف يرى جبريل فقال: إنه يراه أحياناً في صورة دحية الكلبي، على ما أذكر، وهو إنسان. وتفسير قول النبي يحتمل فرضين: فإما أن يكون النبي في الخلوة فيحضره جبريل في صورة دحية، وإما أن يكون مع دحية على انفراد أو بين ناس فيستشف النبي في قرارة دحية. . . جبريل. . . وأنا أميل إلى الأخذ بالفرض الثاني، ولا أمنع الفرض الأول. . . وأعلل

<<  <  ج:
ص:  >  >>