قراءة الكتب الجامحة دون أن تسترشد بدليل يميز لها الغث من السمين، والنافع من الضار. ورضيت بي سلمى مرشداً أدلها على الكتب الطيبة والأقاصيص الطريفة الأدبية التي تمتزج بالحياة من جهاتها القويمة. وصرت أشتري لها بعض الكتب التي كنت أعرف في مؤلفيها ميلاً إلى إصلاح المجتمع والمحافظة على الأخلاق.
ومضت فترة من الزمن تبينت فيها أن سلمى لم تعد تلك الزوجة المفهومة التي ترتسم على وجهها كل معاني نفسها بل أصبحت كثيرة التأنق في ملبوسها وزينتها واختيار عطورها بل صرت أراها تتعمد إثارة الفتنة بملامحها وجلستها ومشيتها، وكأنما زاد بريق عينيها السوداوين الواسعتين بما كانت توسع من أشفارهما بالكحل، وتبالغ في توضيح أنوثتها بارتجاج جسمها في نقل خطواتها. وصارت تزيد أثوابها قصراً وتغالي في تعرية زنديها وصدرها، وصار زوجها يشكو من هذا كله فأقول له:
- دع سلمى، إنها فتاة طيبة، وإن الزينة حياة المرأة، ولا ضير عليك ولا عليها من الأناقة ومسايرة أزياء العصر.
وفي الواقع كان تطور سلمى بطيئاً وما كانت لتلفت نظري ونظر زوجها لولا بعض أثواب قديمة لها كانت ترتديها في بعض الأحايين فترينا الفرق بين ما كانت عليه وما صارت إليه، ولكنني وزوجها ما برحنا نعتقد أن شغفها بالزينة نتيجة التقليد فقط، وأن المرأة أكثر ما تتزين لتباهي بزينتها غيرها من النساء، وأن هذا كله بريء كل البراءة، لا يفضي ولن يفضي إلى ما لا يصح السكوت عنه.
ولقد صادفت سلمى مرات في الشارع منفردةً تدور على المخازن كما تقول ذلك كل النساء، وأظن أني لمحت مرة شاباً يترسم خطاها وهي تشجعه بابتسامتها له، ولكن ظهوري أمامها صرفه عنها وصرفها إليّ. وأذكر أني فسرت ذلك بأنه حادث عادي، ولم أشأ أن أفسر ابتسامة سلمى له سوى أنها محض توهم مني.
وسئمت سلمى من المطالعة ورغبت إليّ ألاّ أتعب نفسي في اقتناء الكتب لها، وكنت سئمت التفكير فيما أقدمه إليها، وهي مهمة محرجة، فحمدت لها رغبتها تلك وفي صدري منها مرارة مبهمة. وصرت ألاحظ أن سلمى إذا جلست إلى جانبي ألقت بنفسها متهالكة على المقعد في حركة غريبة، وكانت من قبل تقعد قعود الصراحة، وصرت ألاحظ أنها ترنو إلي