وشدت سلمى ثوبها على جسمها، وقعدت بجانبي، فصور الثوب أعضاء جسمها تفصيلاً، وهبَّت منها رائحة عبقة تغلغلت في دماغي، ثم مدت ذراعها وألقتها على ظهر المقعد ورائي دون أن تمسني، ونظرت إليّ نظرة كدت أستريب منها وقالت: ما رأيك في كأس من الكونياك؟ ولم تتم كلمتها حتى وثبت إلى غرفة الطعام، وفتحت خزانة واستحضرت منها زجاجة وهي تقول: إن هذه الزجاجة تزعم أن هذا الكونياك كان شراب نابليون.
فضحكت وقلت: ونحن الآن نقلد نابليون بشربه.
وسكبت لي كأساً ومثلها لنفسها فشربنا وقد تذوقت الكأس وأعجبت بجودة الصنف فعلاً، أما هي فترشفت نصف كأسها، ثم سكبت لي الثانية.
وقد جرى هذا كله في سهولة وبساطة، وسلمى تقول: إن خياطتها أصبحت من الطمع بحيث صارت تفكر في استبدالها وقالت: إنها خاطت لها قميصاً من الحرير هو هذا الذي تلبسه - ثم كشفت دثارها عنه فإذا به يضم نهديها إلى ركبتيها في تموج غريب - وإنها تقاضت منها أجرة وكلفة لا يحتملها القميص.
وكنت تجرعت الكأس الثانية فسكبت لي كأساً ثالثة رفضتها رفضاً قاطعاً لكنها لم تصغ إليّ. ومضت في حديثها عن القميص بينما أخذت أتمصص الكأس، ثم وقفت أنظر إليها مصغياً إلى حديثها أقول: أنتن السيدات لا تعرفن اهتماماً إلا بهذه الخرق الحريرية. . . فقالت: ألا يعجبك حرير هذا القميص. فابتسمت، فإذا بها واقفة حيالي فاترة العينين ملتهبة الخدين، ثم رفعت ذراعها إلى جبينها وهي تقول: لا أدري ما بي. . . لعل هذا الكونياك قد دار رأسي به. فقلت: لا عليك اجلسي. ولكنها تثنت قليلاً وقالت كأنها تريد أن تصيح: فريد! فريد! اسندني إليك. . .
فذعرت كل الذعر؛ وما أن أسندتها إليّ حتى استرخت بين يدي وضمتني إليها متعلقة بي متثاقلة بجسمها عليّ وأنا أدفع بها في لطف وتؤدة حتى أجلستها على المقعد وقد تلاصقت بي تلاصقاً غريباً وشدتني إلى صدرها شدّاً عنيفاً.
وأردت أن أهرع إلى حيث أستحضر لها كوباً من الماء، ولكن تعلقها بي منعني من ذلك. ولا أدري لماذا خطر لي في إبراق عجيب ذاك الحادث الذي حدثني به زوجها عن تصنع