كل يوم شعور خاص، وحل خاص؛ فإنه إذا تبدل الوقت أصبحت هذه الموضوعات نسياً منسياً، وذهبت قيمتها الاجتماعية والمحلية
سادساً: يجب ألا تكون الفكرة التي يعالجها الكاتب في قصصه مصوغة في قالب موعظة أو حكمة، وألا يظهر فيها تحبيذ شيء أو النهي عن شيء. بل يجب أن تكون الحكمة أو الموعظة مطوية في غضون الحوادث، خالصة إلى القارئ دون معونة ظاهرة من المؤلف؛ وأن يكون التحبيذ أو النهي كامناً في أعطاف السرد، غير ملموس بالكلام المكشوف.
وذلك هو الفرق بين القصة والمقالة، فالقصة ليست منبراً للخطابة وإلقاء المواعظ، بل هي معرض للتصوير والتحليل، يوحي برموزه وظلاله وإشاراته إلى القارئ بالغرض الذي رمى إليه الكاتب القصصي.
سابعاً: يحسن ألا تخلو القصة من عنصر التشويق، وأعني به أن تستحوذ على القارئ في أثناء قراءته نشوة وروعة تدفعانه إلى متابعة القراءة في نشاط وانتباه. ونلفت النظر إلى أننا لا نبغي بعنصر التشويق أن ينقلب الكاتب مهرِّجاً يفتعل الحوادث افتعالا ليصل إلى هذا الغرض، حاسباً أن ذلك هو الذي يبعث الشوق، فإنه حينئذ يقع في أشياء سخيفة مفضوحة يبدو عليها التكلف والاجتلاب. فلابد من الحذق واليقظة في هذه الناحية بحيث يكون فن الكاتب قادراً على أن يجعل مظاهر التشويق جزءاً طبيعياً من سياق القصة، فإنه بذلك يضمن انتباه القارئ ونشاطه، ويوفر له وسائل اللذة والاستمتاع.
ثامناً: ما يجب أن يجري عليه الكاتب في تحري قصته من وجهة اللغة. ونقدم لذلك بأن اللغة العربية في ذاتها لغة موسيقية، لألفاظها وأساليبها رنين وإيقاع. وقد أرف كتاب العصور المتأخرة في استغلال هذه الموسيقية بالمغالاة في الاستعارة، والإكثار من الترادف، والتزام السجع والطباق وما إليه. فبلغت الصناعة اللفظية مبلغاً كان فيه القالب أكبر من المعنى وأوسع مجالاً. ثم جاء العصر الحديث يزخر بموضوعاته العلمية، وبحوثه الاجتماعية والفنية، مما لا يحتمل البرشقة والزخرف. فأريدت اللغة على أن تكون القوالب على قدود المعاني، في غير إهمال لما تقتضيه خصائص اللغة من الموسيقية الأخاذة. فيجب أن يُعنى الكاتب إذن بلغة قصته، فلا يبالغ في التحاسين البيانية من نحو الاستعارة والتشبيه والترادف، بل يجعل الألفاظ على أقدار المعاني جهد المستطاع. ولا ينسينا هذا أن