الطبيعة تقضي بإبادة الكائنات الضعيفة وإفنائها من الوجود. وأما نحن فنتحدى قوانين التطور، ونعمل على أن نحيل العالم إلى ملجأ الضعفاء والعاجزين.
ومن ذا الذي تداخله إثارة من الشك في أن هذا ما يدين به جماعة النازي؟ أرأيت كيف نكلوا برفاقهم في الجهاد يوم قاموا بعملية التطهير بين صفوفهم في عام ١٩٣٤ حين زعموا أنهم وقد اختمرت في رؤوسهم فكرة الجريمة، أخذوا يدبرون في الظلام ومن خلف الأستار مؤامرة واسعة النطاق ترمي إلى هدم نظام الحكم النازي، وتحت ستار هذه الدعوى أجهزوا على طائفة من رؤوسهم وفي طليعتهم رويهم، وكذلك لم يبقوا على شليخر وزوجه!
وهل أتاك حديث الجستابو وما يجري من أعمال القسوة في معسكرات الاعتقال التي تضم الخصوم السياسيين الذين يظن فيهم أو يلمح من ثنايا حركاتهم أنهم يعتزمون الانتقاض على الحكم النازي؟
ثم هل جاءتك أنباء تنكيلهم بكل من يحاول كسر القيود من الأمم التي غلبوها على أمرها لحكمهم عنوة واقتدارا؟
ويبرر أولئك الدكتاتوريون قسوتهم بأن سلامة الدولة قبل كل شيء وفوق كل اعتبار
ويتخذ النازيون العنف عقيدة ويعدون الرحمة خوراً في الطبيعة ويؤمنون بالقوة إيماناً عميقاً، القوة الخالية من شوائب الشفقة والرحمة، المتجردة من هواجس الضمير ومن عوامل الضعف الإنساني، القوة التي تذهب إلى حدود الوحشية أحياناً؛ فإذا وقف الضمير في وجه القوة، وعاق نهوضها إلى الأمام، كان ذلك آية على الضعف والانحلال، ومظهراً من مظاهر انحطاط الفرد والجماعة
وفي كتابه (كفاحي) لا يكتم زعيم الريخ الثالث ازدراءه لما تواضع الناس على أنه رحمة، وما اصطلحوا على أنه إنسانية.
ويدين جماعة النازي بالمبدأ القائل:(الحرب الدائمة) هي حالة المجتمع الإنساني في المستقبل، وأن على كل أمة أن تعد لها العدة، وأن تتنكر للسلام، ولا تتجهم للحرب. فالسلام يقتل حيوية الأمم، فأما الحرب فتغذي تلك الحيوية، ولا يجنح للأول إلا الأمم المترفة المستسلمة، ولا ينزع لخوض غمرات الثانية إلا الذين يفيضون بالقوة والعزة. فألمانيا تبتغي (تقسيم العالم من الجديد) كما يقول وزير دعايتها جوبلز. لا، بل يزعم فيلسوف