ولم لا. . . هذا مقال ظهر في رأس السنة، ورأس السنة عيد يتنكر فيه أصحابه لهواً وعبثاً. . . فلنمض مع صاحبنا هذا، فإنه من غير شك لذيذ. . .
- وهبك وصلت إلى تصويره حقاً. . . فهل تجرؤ على نشر صورته، وهو رجل لا تعرفه، وقد يغضب عليك وأنت أحوج ما تكون إلى عطف الناس لا إغضابهم. . .
- ولماذا يغضب (أيوب الثاني) من كلمتين يقولهما كاتب صغير مفضوح مثلي. . . إنه لو غضب لأكد غضبه لنفسه ما أدعيه من أن صورة أيوب التي يريد أن يرسمها على نفسه إنما هي مكياج. . .
- آمين. لو كنت قرأت سفر أيوب لكنت رأيت فيه أن أيوب لم يتفجع من فقدان الثروة إلا على أنه مظهر من مظاهر غضب الله. . . ولكن أيوب الثاني هذا الجديد يذكر الفجيعة في الدنيا على أن أفجع ما فيها هو أنها أصابت دنياه فيقول:(وأين فجيعة أيوب في دنياه من فجيعتي في دنياي؟) فبأي الصور تتصورين أيوب الثاني. . .
- بصورة الرجل الذي تهون فجيعة أيوب في دنياه إلى جانب فجيعته فيها. . . وأيوب على ما أظن فقد في الدنيا من الفقر والمرض الخبز وأدنأ ما يسد الرمق، كما فقد الملبس وأهون ما يستر الجسد.
- فهل تظنين كاتباً من الكتاب الذين يكتبون لمجلة رائجة مثل الرسالة تصل به الحال إلى هذا ولا يعاونه صاحب الرسالة وكتابها وقراؤها ولو برغيف وبنطلون؟ أنا لا أظن ذلك. . . وهذه أيضاً مكياج. . .
- إن الرجل يتكلم كلاماً يعتمد فيه على النسبة بينه وبين أيوب، وزمانه وزمان أيوب. . . فأيوب نبي، وعاش في عصر أوفر رغداً من عصرنا. . .
- وهذا هو الذي يقوله هو. . . ولكن لا تنسى أنه يوازن بين نفسه وبين أيوب من ناحية واحدة فقط، وهي هذا الشقاء الذي يفرض أنه قد مسه، وينسى بعد ذلك لأيوب بقية نواحيه وأولها أنه لم يكن يعرف (المكياج) وهي ناحية أساسية في أيوب وفي كل من يريد أن يكون كأيوب.