له من خطر في غده. وها هي ذي الأيام توشك أن تحقق جانباً من نبوءة العرافة، فلقد كان للورد الخامس في الأسرة وهو شقيق جده حفيد هو الذي يرث اللقب من بعده فمات هذا الحفيد عام ١٧٩٤ فلم يبق بين الطفل واللقب إلا أن يموت ذلك اللورد الشيخ، وما لبث أن مات ذلك الشيخ بعد ذلك بنحو أربعة أعوام، فانتقل لقب الأسرة الوراثي إلى الطفل وهو في العاشرة.
وفرحت أمه أشد الفرح ولكن الطفل يتجه إلى المرآة ويسأل أمه عما إذا كانت ترى فيه فرقاً بين يومه أمسه لأنه لا يرى شيئاً من ذلك.
ولكن هذا اللقب سوف يكون عظيم الأثر في حياة شاعر الغد وموقف المجتمع منه، إذ سيكون من أهم ما توافي له من أسباب الإعجاب به وذهاب صيته في الأوساط جميعاً
وتأهبت أمه لتذهب به من أبردين إلى حيث يستلم ما ورثه مع لقبه الجديد من ثروة، وكان الصبي يومئذ في سنته الحادية عشرة، ولقد عز عليه أن يغادر أبردين فيبتعد عن ابنة عمه ماري التي أحبها ذلك الحب الشديد وعن مناظر أسكتلندرة، ويحرم مما باتت توحيه إليه شواهقها ووديانها، تلك الشواهق التي ألف تسلق جوانبها على الرغم من عاهته والتي زلت قدماه على سفح من سفوحها ذات يوم حتى أشرف على الموت لولا أن تداركه بعض من كان معه، فلم يزده ذلك إلا تعلقاً بها وأقداماً على معاودة تسلقها
ورحلت الأم وولدها وخادمتهما، وأحس الصبي أنه ينتزع نفسه من ملاعب طفولته انتزاعاً، ولقد استقرت في نفسه مناظرها وطيوفها، وما أعظم ما سيكون لهاتيك الطيوف في غد من الأثر في شعره وخياله
وانتهى بهم السير في نيوستد وحطوا رحالهم في مهد الأسرة العتيق، في ذلك القصر الذي أفنت جدره العتيدة السنين الطوال. ولشد ما أحبه الصبي وآنس في هيكله وأبهائه وحجراته أحلاماً جديدة أضافها إلى سالف أحلامه. . . وأقبل على الخدم يسألهم عما تقع عليه عيناه وعلى الأخص عن تلك الصور المعلقة على الجدران. . . فهذه صورة اللورد التعس الذي ورث عنه الصبي ما ورث، وتلك صورة أحد أجداده الذي أبلى أحسن البلاء في الحروب الصليبية ومات في الأرض المقدسة، وهذه. . . وهذه. . . والصبي معجب بذلك كله إعجاباً شديداً وإنه ليزهى أشد الزهو بأنه اللورد الجديد الذي آل إليه ذلك القصر وما فيه