للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في حروف صفها أجدادي بعضها إلى جانب بعض.

هل سمعت حيواناً يتلعثم؟ هل سمعت يوماً ثوراً أراد أن يقول (بع) فقال (كع) او قال (سع) ولكن الناس يتلعثمون فلماذا يتلعثمون؟ ولماذا لا يتلعثمون إلا عندما يلتفتون إلى أرواحهم وأنفسهم عند التدبر أو عند الحذر؟ أليس ذلك لأن هذه الألفاظ التي نصطنعها ليست من الطبيعة في شيء وأنها تفلت منا ما لم نوجه إليها انتباهاً خاصاً؟ أليس كذلك؟. . .

- إن هذا سبب لا يمكنك أن تقطع بأنه السبب

- أني أعلم هذا، وأعلم أيضاً أن كل ما قلته لك لا يمكنني أن أقطع به، كما أعلم أن القطع به يحتاج إلى تجنيد علماء النفس، وعلماء اللغات، وعلماء كثيرين غير هؤلاء يتقصون ويدرسون ويشاهدون ويجربون ويقضون في بحثهم هذا السنين، وربما القرون. وقد ينتهون إلى تكذيب هذا الكلام وتسخيفه، ولكن ليس معنى هذا أن أحداً من الناس يستطيع منذ الآن أن يرفض هذا الكلام، فرفضه يحتاج إلى تفكير مثلما يحتاج إلى التفكير قبوله، وأن معي من القرائن والأدلة ما يحتاج إلى جهد قبل تحطيمه. . .

- علىّ منها بدليل وقرينة

- أما دليلي على أن للطبيعة لغة تعلمها للناس فإجماع الأطفال في الدنيا كلها على نداء الأب بقولهم (بابا) وعلى نداء الأم بقولهم (ماما). . . ولا تزال اللغات تحتفظ بالباء أو ما يشبهها فيما أطلقت على (الأب) من أسماء كما لا تزال تحتفظ بالميم وما يشبهها فيما أطلقت على (الأم) من أسماء. وأما القرينة. .

- أن الأطفال يقولون بابا وماما لأن الباء والميم حرفان مفرقعان من حروف الشفتين، وحروف الشفتين هي أسهل الحروف وأسرعها إلى الخضوع والانسياق للإنسان

- طيب، ولماذا لا يخطئ طفل فيقول لأمه (بابا) ولأبيه (ماما)؟ هل يعلمه أحد هذا؟ الطبيعة تعلمه إياه.

وفي لفظة (ماما) ما يشبه حركة الامتصاص والرضاعة، وإن في لفظة (بابا) ما يشبه الاستنجاد بقوة الأب. . .

- صحيح أو كأنه صحيح. . . وكنت تريد أن تستشهد بقرينة. . .

- نعم. أن الأرض في اللغة العربية أسمها (أرض)، وفي اللغة الإنجليزية أسمها تنطق

<<  <  ج:
ص:  >  >>