كانت على أوفر حظ من الجمال والسذاجة والشعور بالواجب. غير أنه كان من سوء حظ (جوته) أن التقى بها بعد أن تمت خطبتها من (ألبرت كتزنر) ولقد كان من سوء حظه أيضاً أنها لم تنصح له بمغالبة عواطفه نحوها قبل أن يفلت من يده زمامها. ولعلها لقيت من الألم ألواناً من أجل نفسها ومن أجل (ألبرت) الذي آثرته آخر الأمر بطريقة عملية إذ رضيت أن تزف إليه دون الشاعر
ولقد كان وضعاً على أكبر درجة من الشذوذ أنهم أمضوا شهور الصيف التالية للزفاف على نحو لا نظير له، إذ كان الشاعر العاشق يلهو حينذاك بدراسة الحقوق، وينفق كل أوقاته ملازماً (شارلوت). وكان فضلاً عن ذلك فتى وسيما ذكي الفؤاد، قد نال من النجاح في حياته الأدبية فوق ما كان (البرت) يصبو إليه في مستقبله. غير أن ألبرت كان منقطع النظير بتسامحه وسخاء ذهنه، فأحب (جوته) ووثق من شارلوت. ولعله قد أدرك بثاقب رأيه أن التسامح كان خير ما يمكن أن يلجأ إليه في ذلك الوضع الشاذ. ويبدو أن (جوته) قد ترك لخياله الحبل على الغارب، فجعل بصور مشاهد المأساة على النحو الذي توحي آلامه، وقد وجدت المأساة خاتمتها بعد ثلاثة شهور رحل بعدها الشاعر إلى موطنه (فرانكفورت) حيث ظل يراسل الزوجين جميعاً برسائل تفيض بأحزانه
على أن فصول هذه القصة على غناها لم تكن كافية لنسج الثوب الرائع الذي ظهرت به (ألام فرتر) بل أتاحت الأقدار لمؤلفها العبقري حادثين آخرين أعاناه على إظهارها في ذلك الثوب الذي لا مثيل له. . .
ذلك أنه التقى في (ويتزلر) بشاب ممتاز المواهب اسمه (أورشليم) ولم يلبث هذا الشاب أن أخفق في غرام له فقتل نفسه!
وهنا اتخذت القصة خاتمة مقبولة. ولكنه لم يكتبها في ذلك الحين أيضاً، بل هيأت له الأقدار فصلاً بارعاً مما اتفق له من فصول حياته الحقيقية نقله إلى حيث صبه في صلب قصته الخالدة. إذ حدث أنه حل ضيفاً بمنزل كهل من ذوي قرباه اسمه (بيتر برنتانو) كانت له زوج حسناء اسمها (ماكسمليان) لم يرق له ما يبدى الشاعر الشاب من الاهتمام بأمرها. فآثر أن يضع حداً لضيافته وطرده من بيته بدافع من الحرص على الفضيلة! وبعد ذلك مباشرة انزوى (جوته) في عقر داره وعكف على كتابة قصته الخالدة، فظهرت أول