للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طبعاتها عام ١٧٧٤

كان ظهور هذا الكتاب أشبه ما يكون بالقذيفة المفاجئة. وكانت شارلوت وزوجها ألبرت أول من شعر بذلك. إذ أن جوت حين آثر النهج الواقعي في تسجيل حوادث القصة لم يغير أسماء أبطالها! وإن كان قد غير من سياق حوادثها ومميزات الأبطال أنفسهم، فألصق بألبرت كثيراً من نقائص قريبه برنتانو، تلك النقائص التي كان يعلم أن البرت بريء منها تماماً والتي جعلها ذات الأثر الفعال في انتحار بطل قصته (فرتر)

ولقد تحدى (جوته) مواطنيه جميعاً في تقدمته إليهم إذ زعم أنهم لا يقدرون قيمتها في نظر الجماهير الأخرى ولا يقدرون قيمتها بالنسبة إليهم أنفسهم. ولم يكن مسرفاً في هذا التحدي، لأنه إنما أصاب الشهرة في وطنه بوصف أنه مؤلف (برليخنجن) وحسب، بينما استطاعت (آلام فرتر) أن تتخطى الحدود إلى سائر بلاد الأرض، وأن تغزو أفكار الشباب حيثما وقعت في أيديهم، بما تحمل من صور العبقرية الفذة. وإن كثيرين من هؤلاء قد رسم خيالهم (فرتر) كإنسان نبيل القلب غني العاطفة حي الإنسانية؛ لفظته الحياة فآثر عليها الموت. ولقد بلغ من تأثرهم بصدق هذه الصورة أنهم آمنوا بأن الحياة ليست إلا هذا اللون من الإخفاق الذريع، فجروا مع (فرتر) إلى نهاية الشوط، وقتلوا أنفسهم!

ولقد تبين للمتأخرين من رجال الإصلاح الخلقي أن (فرتر) هذا قد زين الانتحار للشباب. وهذه حقيقة يصعب إنكارها، بل هي وثيقة تسجل لمبتكر شخصية (فرتر) مجداً أبقى على الزمن الباقي من الزمن! ولكن شراً من ذلك أنهم أرغموا (جوته) على أن يضع أبياتاً عقيمة ينطق بها (فرتر) في لحظاته الأخيرة، ناصحاً للشباب بألا يحذوا حذوه. ولكن إضافة هذه الأبيات لم تكن لتجدي في الواقع شيئاً، وكل ما ثار حول الكتاب من النقد إنما كان كله إعلاناً زاد رواجه وساعد على تداوله

ولا يتسع المقام لتعقب الآثار الأدبية التي أحدثها ظهور هذا الكتاب، تلك الآثار التي عبرت إلى القرن العشرين وظهرت في شخصيات الأبطال القصصيين الذين ابتكرهم أمثال (بيرون) و (شاتوبريان). غير أن ثمة ملاحظة أخرى يجب أن تضاف إلى ما تقدم عن أثر الكتاب في حياة مؤلفه نفسه. إذ لم يقدر له أن يصيب من النجاح في حياته مثل ما أتاح له هذا الكتاب وهو لم يتخط السادسة والعشرين. وقد يكون لقصته الأخرى (فاوست) عدد

<<  <  ج:
ص:  >  >>