للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فيه على هذا تقصيراً لا ينفع، ويكون أنفع منه أن يترجم لنا الأستاذ كلام النقاد الأوربيين الذين مارسوا هذا العمل وأفرغوا له أوقاتهم واستوعبوا الأصول التي يسار عليها في معالجته، وكذلك تتم خدمته للأدب والأدباء. . .

أبو العباس السفاح

كنت أحب أن أستوعب في هذا التعليق كل الرأي الذي عرض لي في أمر أبي العباس السفاح أمير المؤمنين، ولكني رأيته قد خرج عن أن يكون من مادة هذا الباب، فلذلك اقتصرت على أشياء أرجو أن تعين الأستاذ العبادي في تحقيقه الذي بدأه، وعسى أن يكون في هذا القول بعض الصواب الذي يسعى إليه.

فمن ذلك أن أبا العباس السفاح، وأبا جعفر المنصور أخوان وليا الخلافة العباسية لأول أمرها؛ وكان أبو العباس أصغر من المنصور بعشر سنين، وأن اسم أبي العباس وأبي جعفر في نسبهما هو (عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس)، فأبو العباس هو (عبد الله الأصغر)، وأبو جعفر هو (عبد الله الأكبر). فإذا كان ذلك كذلك، وأبو جعفر قد لقب بالمنصور وأن الذي لقبه بذلك أبوه فيما نعلم، فلا غرو أن يكون أبو العباس كذلك ملقباً، وأن يكون أبوه قد لقبه كما لقب أخاه

وإذا كان أبو العباس (عبد الله) هو الأصغر فالتلقيب هو أولى به للتفريق بينه وبين أخيه أبي جعفر (عبد الله) وهو الأكبر الذي ولد أولاً وسمى (عبد الله) من قبله. ويؤكد أمر هذا التلقيب صيرورته بعد في خلفاء بني العباس جميعاً إلى انقضاء دولتهم، فكأنه كان من (تقاليدهم) وتعاليمهم

وأيضاً فإنه قد وردَ في الحديث عن أبي سعيد الخدْريّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يخرج منا رجل في انقطاع من الزمن وظهور من الفتن يقال له (السفاح) يكون عطاؤه للمال حَثْياً)، وأئمة الحديث لا يصرفون هذا الاسم إلى أبي العباس، وإنما هو نبوءة كبقية النبوءات التي وردتْ في القرآن الكريم والحديث النبوي لا يدري تأويلها إلا أن تكون. . .؛ ولكن الدعوة العباسية فيما يظهر قد جمعتْ بين هذا الحديث وأحاديث أُخر هي من باب النبوءات أيضاً وجعلت منها حديثاً اتخذته في الدعوة إلى إقامة الخلافة في بني العباس، فكانوا يروون للناس عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال: (والله لو لم يبق من

<<  <  ج:
ص:  >  >>