الدنيا ألا يوم لأدال الله من بني أمية. ليكون منا السفاح والمنصور والمهدي)، وهم الخلفاء العباسيون الثلاثة على التتابع. ولاشك في أن هذا كان قبل قيام الدعوة بالفتح بزمن طويل. فلعل الأمام (محمد بن على) قد لقبَّ ولديه بهذين اللقبين تفرقه بينهما، وتفاؤلاً بالذي يروون في أحاديث الدعوة العباسية
وإذا كان ذلك كذلك فمعنى اللقب أذن ليس من (سفح الدم) - وهو بهذا المعنى مجاز مقصورٌ لغرض بعينه - ولكنه من الكرم والعطاء والبذل كما ورد في الحديث الذي سقناه آنفاً من أن (عطاء السفاح للمال حثْياً) لأنه لا يصح في العقل أن يلقب أحد ولده بهذا المذمة القبيحة وهو ينصبه للناس خليفة، وقد لقب أخوه من قبل بالمنصور. نعم قد سمت العرب في جاهليتها بالأسماء المنكرة، ولكن الإسلام جاء فحسم ذلك كله، ولم يبق من التلقيب والتسمية بالمنكر من الألفاظ شيء في أكثر البادية العربية، فكيف في الحضر ثم في أعظم بيوت الحضر، وهو بيت العباس؟ وقد كان لهم في رسول الله أسوة حسنة فهو قد غير أسماء كثير من الوافدين عليه من أصحابه (كزحم بن معبد) فسماه بشيراً، وجميلة امرأة عمر بن الخطاب وكان أسمها (عاصية) وخلق كثير
وعلى هذا الأصل نرى أن الناس في صدر الإسلام سموا (بالسفاح) فمنهم: السفاح بن مطر الشيباني، وهو ممن ولد في النصف الثاني من المائة الأولى للهجرة وكان من أصحاب الحديث؛ والسفاح أخو أبي سلمة بن عبد الرحمن الزبيدي لأمه وهو من التابعين، وقد روى عن أبي هريرة وغيرهما. ولاشك أن التسمية هنا منصرفة إلى المدح لا إلى الذم؛ فصفة أبي العباس السفاح هي إلى العطاء والكرم كما ذهب الأستاذ العبادي أولاً، ثم رجع عنه حين تعقبه الأستاذ أحمد أمين
أما النص الذي نقله الأستاذ عن اليعقوبي من أنه قال:(عبد الله بن علي الأصغر وهو السفاح)، وهو عم أبي العباس والمنصور، فإن أصله من ابن سعد في طبقاته حين ذكر أولاد على بن عبد الله بن عباس فقال:(عبد الله على الأكبر. . . وعبد الله بن على الأصغر السفاح الذي خرج بالشام)، فهذا هو الأصل ولا يرى فيه إرادة التلقيب كالذي يرى من نص اليعقوبي، وإنما هي صفة كالسفاك والقتال. نعم، وأنا لا أدري كيف ادعي الأستاذ العبادي أنه اشتهر بذلك فانتقلت هذه الصفة إلى أبى العباس أمير المؤمنين، فإن الطبري