أخذت ساعات الأرق الطويلة تمر متثاقلة. كنت أضغط صدري بيدي، وكأني أريد أن أصل بأصابعي إلى موضع الداء في رئتي. لم يكن بي من الألم في الحقيقة ما يجعلني أصدّق حكمك، فإن مثل هذه الأعراض تنتاب كثيراً من الناس!. . وانتهيت إلى الاعتقاد بأنك لابد أن تكون مخطئاً. قلت في نفسي: لا، لست مريضاً بالسل، مستحيل، سوف أستشير طبيباً آخر. . . غير أني سمعت فجأة سعالاً في الغرفة المجاورة. . . فعرتني قشعريرة. عاد السعال الآتي من غرفة أولادي ثانياً، جافاً، وحاداً ومنتهياً بنوع من الحشرجة. مددت يدي نحو زوجتي ولكن خفت أن أوقظها فسحبت يدي. وعاد السعال مرة أخرى، فقمت بهدوء وذهبت إلى الغرفة التي ينام فيها أطفالي. وفي ضوء القنديل الضئيل، أمكنني أن أراهم وهم نائمون في فراشهم. خيل إلي أن أكبرهم محمر الوجه. جسست يده فإذا بها دافئة، ملت عليه. سعل عدة مرات متوالية وهو يتقلب في فراشه بضجر. مكثت إلى جانبه وقتاً طويلاً كان يسعل خلاله باستمرار. . . وعدت إلى غرفتي، ولكني ما كدت أتمدد على فراشي حتى استولت عليّ فكرة مرعبة: هو مسلول مثلي، لاشك في ذلك
في تلك اللحظة كنت أنت تنام ملء جفونك يا دكتور، أليس كذلك؟
واليوم التالي كان فظيعاً. لم أجرؤ على إخبار زوجتي أن طفلنا مريض. لم تكن عندي الشجاعة الكافية لإحضار طبيب. كنت خجلاً من نفسي، وعقد الجبن لساني فسكت
لكن عقلي لم يسكن. استمرت الأفكار السود تحركه. ليست المسألة مسألة العدوى فقط، بل هناك شبح أبشع من ذلك ظلّ ماثلاً أمامي: الوراثة. لقد ورث أطفالي مرضي كما ورثوا عينيّ وشعري. وحتى لو كانوا قد نجوا من حكم هذا القانون المخيف فقربي المستمر منهم لابد أن يكون قد نقل العدوى إليهم
تقول إن ذلك وهم وخيال؟ كلا، أليس ذلك نتيجة طبيعية للمجهود الذي تبذله أنت وزملاؤك بالمحاضرات والمجلات والجرائد لتكشفوا للناس أسرار هذا المرض!
كل ما كنت قد قرأت أو سمعت تجمع في رأسي
زوجتي وأطفالي أعز الناس عليّ، سوف يذبلون واحداً بعد آخر! سوف يقاسون حياة مريرة معذبة في انتظار النهاية المؤلمة. . . وأنا، سوف أشهد ذلك كله في وجوههن الشاحبة، وأجسامهن المتداعية. والعلم عاجز عن تغيير هذا القضاء المحتوم