فلما بلغ به الإعجاب كل مبلغ، أراد أن يسأل صديقاً له عنها فقال له:
- كيف ترى عيني الزجاجية؟
- لا يستطيع المرء أن يبدع أكمل منها!
- ولكن ألم تعجب بها؟ إن الحياة لتتدفق منها، وإن النور ليشع فيها. آه يا صديقي، لقد غدوت لا أميّز بين عيني الأولى وعيني الثانية، أنظر فيها. . . وحدق، ثم قل أية العينين هي الزجاجية؟
- تلك هي الزجاجية
- وكيف عرفتها؟
- إنها أحلى العينين!. . .
- أواه! إنك تهزأ. . . لو لم تك رأيتها من قبل لما عرفتها. . .
تعال نسأل الناس، هيا إلى الشارع
وخرج الصديقان. . . فلمح الغنى في زواية الشارع سائلاً يقضقض برداً، فاقتربا منه، وقال له الغني:
- هل تأخذ درهما؟
- درهم. . . درهم. . . ليس أحب إلي منه. . . لقد بت جوعان ليلتين!
- حسن، أنظر إلى عيني. . . فإذا استطعت أن تميز عيني الزجاجية من عيني الطبيعية. . . كان لك ما تشاء!
فحدق السائل، وقال فوراً:
- هاهي ذي يا سيدي
- ويحك! وكيف عرفتها. . .؟
- الأمر سهل يا سيدي، لقد رأيت فيها شفقة ورحمة بي. أما الثانية. . . أما الثانية. . . إنها تقول: لا تعطه شيئاً
(٢) جزيرة النسيان
أقلعت السفن تحمل فوقها فتياناً في مقتبل العمر. فخيم الليل عليهم وهم فوق ثبج البحر