الأول وضعه الشاعر، وأجزاؤه: فاعلاتن مفاعلتن (مرتين)، وليكن اسمه: المنطلق. وأما البحر الثاني فمن البحور المعروفة. . . أهـ) ثم مضى في القصيدة فكان الوزن الذي أسماه المنطلق يبدأ بقوله:
جنّبوا النايَ عن أُذُني ... أُذُني زُلزلت طَربَا
والواقع أنه لا يوجد في أوزان البحور المعروفة بحر أجزاؤه (فاعلاتن مفاعلتن) ولكن يوجد هذا الضرب نفسه بأجزاء أخرى هي (فاعلن فاعلن فَعِلُنْ) فهو إذاً الضرب الأول من العروض الثاني من المتدارَك، وهو المجزوء الصحيح، وأقرب أمثلته (لوزن) الدكتور بشر هو الضرب المخبون المرَفَّل من هذا المجزوء الصحيح، ومثاله في متن الكافي هو:
دارُ سُعدَى بشَحْر عُمَانْ ... قد كَسَاها البِلاَ المَلَوَانْ
على أن هناك فرقاً يسيراً قد يلحظه القارئ بين الوزنين، فذلك أن وزن الدكتور بشر ينقصه الترفيل (وهو زيادة سبب خفيف على ما آخره وتد مجموع) والسبب الخفيف - كما هو معروف - متحرك بعده ساكن كقَدْ. فهو يمثل الألف والنون الأخيرتين، في عمان والملوان، واللتين بحذفهما نحصل على نفس الوزن (المنطلق) الذي جاء به الدكتور بشر. . .
والواقع أنه يصعب جداً، بل يكاد يكون من المتعذر، زيادة (بحر) مستقل على البحور المعروفة، كما سمح الدكتور الفاضل لنفسه في تسميته مجزوءَه الذي له اصل في العروض بحراً. . . على أن له العذر الفني في ذلك، وأقول العذر الفني لأن (البحر) الذي خيل إليه أنه اخترعه لم يقع له إلا في (المتدارك) وهو - كما يظهر من تسميته نفسها - بحرٌ تدارك به الأخفش على الخليل الذي قد نسيه أو أهمله (وقيل هو المتدارِك بكسر الراء لأنه تدارك المتقارب أي التحق به، لأنه خرج منه بتقديم السبب على الوتد، وله أسماء أخرى غير ذلك كالمخترع والخبب. . . عن المختصر الشافي للدمنهوري)
ويلوح لي أن هناك شيئاً من توارد الخواطر بين تسمية الدكتور بشر لمجزئه (بالمنطلق) وبين تسمية المتدارك (بالمخترَع) فكلا التسميتين ترمزان من طرف خفي أو صريح إلى أنه وزن جديد على أوزان الخليل. . . هذا وإن كنت لم أعرف بعدُ مَلحظَ الدكتور في اختياره اسم (المنطلق)