للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عقلي نائم. . . إسمعي، لاشك في أن صور الحياة وحوادثها هي موارد المؤلف والمخرج، ولكن الذي لا شك فيه أن كل صورة مفتاح إلى صور، كل صورة منها مفتاح صور، وأن كل حادثة مفتاح إلى حوادث، كل حادثة منها مفتاح إلى حوادث. وهذا شيء لا نهاية له، ولهذا كان الفنان يستطيع أن يجعل من الحبة قبة كما يقولون

- كلام معقول. فانقضه لأني اقتنعت به

- قد كنت أنقضه لو كنت سبقت إليه. . .

- إذن فانقض ما يأتي: صور الحياة وحوادثها التي يستخلص منها الفنانون فنونهم لها ناحيتان: إحداهما وراء الأخرى. أما الأولى فهي الناحية المادية المتجسدة ولا يستطيع إنسان أن ينكر ما فيها من جمال وروعة لا يخلوان من المعاني، والناحية الأخرى هي تلك الناحية الشفافة (الغائرة) في أعماق هذه الصور والحوادث، وهي أيضاً فيها جمال وروعة ومعان. وللناحية الأولى مخرجون يشغفون بها ويهتمون، وللناحية الثانية مخرجون، وهناك مخرجون لهم في هذه وفي تلك. وعلى كل صورة وحادثة من صور هاتين الناحيتين وحوادثهما تنطبق القاعدة التي قررتها أنت وهي أن كل صورة مفتاح لصور، وأن كل حادثة مفتاح لحوادث. فكما أن أصحاب الصور والحوادث المعنوية لا تفرغ من عندهم الصور والحوادث، كذلك لا تفرغ الصور والحوادث المادية من عند أصحابها لأن آيات الله لا نهاية لها، ولأن كل آية منها مفتاح لآيات كل منها مفتاح لآيات. . . انقض هذا، أو قل لي لماذا تفضل أصحاب المعاني على غيرهم؟

- من قال لك إني أفضل أصحاب المعاني على غيرهم. . . هؤلاء وأولئك من غير شك فنانون

- حرت معك. . . ألم تسخر من أصحاب اللوحات والألواح. . . أنت؟!

- يا هذه!. . . إنما كرهت منهم أن يتركوا ميدانهم وأن يعملوا في السينما، هؤلاء الواحد منهم يصلح لأن يكون مصوراً بالفوتغرافية، يجمع ما يشاء من صور الناس الذين يحلون في عينيه، ومن صور المناظر التي تروقه، ومن صور الحوادث التي يقابلها وتعجبه. . . ليعرضها في (فترينة) أو ليطبعها في كتاب؛ أما أن يلصق عدداً من هذه الصور بعضها إلى بعض ويقول للناس تعالوا شاهدوني إني أخرجت فيلما، فهو إذن يسخر من الناس ويستحق

<<  <  ج:
ص:  >  >>