كبيراتها وصغيراتها، يختلف ولا شك في جوهره عن السلام الذي يقوم على الغلبة وإخضاع النفوس، فالأول وحده هو الذي يستحق الاهتمام، ولكنا إذا سعينا إليه فلا بد أن نحتاج - عاجلاً أو آجلاً - إلى شيء من التعاون مع الشعبين الروسي والألماني، حتى تكون دعائم هذا السلام موطدة الأركان. وما دام هذان الشعبان يعيشان تحت سلطان الدكتاتورية، التي تنفذ مشيئتها في خصومها السياسيين بالقتل أو السجن، فهما حريان بألا يسعيا وراء هذه المبادئ، لتكون أساساً لعلاقتهما بالأمم الأخرى، وقد نبذوها أنفسهم في حدود بلادهم
على أننا جديرون - على كل حال - بأن نعرف كل العرفان أننا لا نملك الحق في إلزام الأمم الأخرى بتغيير نوع الحكومة التي ترتضيها. فإذا كان الألمان يفضلون أسلوب هتلر في الحكم، أو كانوا على الأقل، لا يستطيعون تغييره من تلقاء أنفسهم، فأي حكومة تقوم في ألمانيا تحت تأثير القوات المسلحة التي لبريطانيا العظمى وفرنسا لا يقدر لها البقاء
فحكومة هتلر هي ثمرة من ثمرات العقلية الألمانية. وقد جاء هتلر نتيجة لانهزام ألمانيا في حرب ١٩١٤ - ١٩١٨، وليس بمستبعد أن تكون للحرب الحاضرة نتيجة شر من تلك النتيجة، إذا هزمت ألمانيا مرة ثانية. وقد يتعلم الشعب الألماني هذه المرة كيف يؤسس حكومة أقل سذاجة ونقصاً من حكومته الحاضرة. وعلى أي حال من الأحوال فسوف يكون من شانهم وحدهم - لا من شأننا - اختيار الأسلوب الذي به يحكمون
بهذا المبدأ نطلب أن يعامل البولنديون والتشك والاستونيون واللتوان، وإن يكن هذا المبدأ لم يساعدنا على إنقاذ السلم العام. هو ضد إخضاع أمة لأمة أخرى. ولكنه لا يعترض مبدأ آخر أكثر أهمية، وهو مبدأ التعاون بين الدول. وقد حُووِلت محاولة طيبة في معاهدة عام ١٩١٩ للمناداة بهذين المبدأين، فنالت بعض الأمم المستعبدة حريتها، وتخلصت من تبعيتها لأمم أخرى تحت تأثير من تقرير المصير؛ وتم التعاون من ناحية أخرى بين جميع الدول بقيام عصبة الأمم. إلا أن هذا المبدأ مبدأ التعاون الدولي قد سار بخطى وئيدة إلى الغاية التي ينشدها الجميع
بل إن التعاون بين الأمم التي تنتمي للعصبة كان من الناحية العملية محدوداً وغير محقق للرجاء. فكل حكومة كانت تعمل مستقلة لصلاح حالتها الاقتصادية والمالية، وتستغل