الظروف لإصلاح سياستها الحربية. فالتعاون بمعناه الصحيح لم يكن معروفاً في علاقات بعض الدول بالدول الأخرى. وما زالت بعض الحكومات إلى اليوم تعد نفسها غير مسئولة إلا عن مصالح الأهالي الذين ينتمون إليها.
وما زالت هذه الحكومات تقف موقف الصمت بازاء المصالح العامة، وليست هذه هي السياسة التي تؤدي إلى توطيد أسس السلام. إن مبدأ التعاون الذي ننشده لتدعيم قواعد السلام لا بد أن يدخل في سياقه التعاون التجاري والصناعي بين مختلف الأمم؛ ولا بد أن يقضي على فكرة الحرب الأهلية أو حرب الطبقات. وأي حكومة تبيح تلك الحروب الأهلية في بلادها لا تستطيع ولا شك أن تتعاون تعاوناً شريفاً لتوطيد طرق السلام.
النشر والحرب
(عن (ذي سبكتاتور))
قليل من الذين كانوا يشتغلون بالنشر في الحرب الماضية، يعيشون إلى اليوم ويزاولون أعمال النشر بيننا. ومما يدعو إلى العجب أنك لا تجد عند هؤلاء إلا النزر القليل مما يروون عن مثل الحالة التي نواجهها اليوم. فإذا كانت هذه الحالة تماثل ما عرف من قبل فيما بين عام ١٩١٤ و١٩١٨، فإن عالم النشر سيشاهد بعد المرحلة الأولى من الحرب تجارب لم تتح له منذ عدة سنين
إن الحرب تشجع على القراءة، فهي تؤثر في نفوس المحاربين وغير المحاربين من الأهالي بما يضجر ويقلق مما لا يخفف وطأته شيء كقراءة الكتب. فهي تثير الحماسة الوجدانية وتعد الأذهان لتلقي ما ينتجه العقل، وتجعل النفوس أشد رغبة في أن يفكروا ويحسوا، وتضعها في الوقت ذاته في موقف يكون فيه أشد حاجة إلى الراحة والتسلية من أي وقت آخر. ولا يضيرنا هنا أن نقول إن هذه العوامل لا تقل قوة وتأثيراً اليوم عما كانت عام ١٩١٤، بل قد يكون الأمر على النقيض، فالقيود التي تحيط بنا وحالة الشعب العامة قد تساعد على تقوية هذه العوامل
إلا أن عالم النشر تعترضه صعوبات كثيرة إلى جانب الصعوبات المتعلقة بالطبع والتوزيع، مما قد يخفي على الجمهور. وسوف تعاني بيوت النشر والطباعة الكثير من هذه