لقد ذكرت أيها الأديب الفاضل أني أنا الذي أعرب (أرمدا) في بيت الأعشى فعلاً ماضياً مسنداً إلى ألف الاثنين العائدة على قوله عيناك، وعلى هذا تكون (ليلة) في البيت منصوبة على الظرفية، ولا تكون مفعولاً مطلقاً كما يقول الأستاذ أبو رجاء نقلاً عن حذاق النحاة
ولو أنك أيها الأديب الفاضل تأملت قليلاً في كلامي لوجدت أن الإعراب الذي نسبته إلي هو إعراب الأستاذ أبي رجاء، وليس هو إعرابي ولا إعراب حذاق النحاة، لأني أوافقهم على إعرابهم، والذي يخالفهم هو الأستاذ أبو رجاء
ولو أنك تأملت أيضاً قليلاً في كلامي لعلمت أن السبب في فساد إعراب ليلة على الظرفية وأرمدا فعلاً ماضياً هو أن الأعشى لم يكن في مقام الشكوى من رمد في عينيه. أما الذي ذكرته في فساد ذلك فخطؤه ظاهر أيضاً، لأنك ذكرت في فساده أنه لا يتأتى انطباق جفون العين وذوق حلاوة الكرى في وقت ألم السن من الرمد، فأما أن ذلك لا يتأتى في ذوق حلاوة الكرى فصحيح، وأما أنه لا يتأتى في انطباق جفون العين فهذا هو الخطأ الظاهر، لأن اغتماض العين من الرمد لا يمكن إنكاره، وهو الذي يمكن أن يراد في بيت الأعشى على الإعرابيين، ولكنه يكون صحيحاً جارياً على التشبيه في إعراب النحاة، ونابياً عن المقام في إعراب الأستاذ أبي رجاء. أما اغتماض العين في الكرى فبعيد عن البيت كل البعد، ولا يريده من يجري إعراب ليلة على الظرفية. ونصيحتي بعد هذا إلى الأديب الفاضل ألا يهجم على الكتابة قبل التأمل، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته
عبد المتعال الصعيدي
مميزات بني أمية - محاضرة للأستاذ محمد كرد علي
هذه هي المحاضرة الثانية التي ألقاها الأستاذ العالم محمد كرد علي بك في دمشق. ولقد كنا نقدنا في (الرسالة) محاضرته الأولى (كتبنا وتآليفنا) التي ألقاها قبل شهور، وقلنا إنها محاضرة لا ترتيب فيها ولا استقصاء، وقال عنها الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي إنها لا تزيد عما كتبه مؤلفو (الوسيط) للتلاميذ في كتابهم، فلنر هذه المحاضرة ونصيبها من التوفيق
موضوع المحاضرة (مميزات بني أمية) ألقاها الأستاذ في قاعة الجامعة السورية الكبرى