وولاته، ولكن مصر شهدت عقب ذلك أشد تطاحن على الحكم والسلطة بين الزعماء والهيئات، حتى انتهى الامر بتطلع مؤسس الدولة العلوية المجيدة إلى الملك.
انتهت هذه الاثناء زعامة الشعب المصري المتنبه إلى الزعيم الجليل السيد عمر مكرم، وهو الصديق الحميم لمحمد علي باشا، وكان حجاج هذا من صفوة أعوان وأشجع جنوده، فعندما تخاذلت جنود الاتراك عن نصر محمد علي باشا في نضاله مع منافسية قام السيد عمر مع أهل مصر الصميمين بحصار القلعة حتى اضطروا القائد المنافس إلى التسليم، وكانوا لا يرجون من جهادهم ذاك مالاً ولا عطاء، بل كانوا يرابطون ويحاصرون ويحاربون من أجل الوطن وحده. وكان حجاج الخضري أظهر الزعماء الشعبيين في هذا الوطن. قال الجبرتي في يومياته:
(فأرسل (أي السيد عمر مكرم) إلى من بالنواحي والجهات وأيقظهم وحذرهم فاستعدوا وانتظروا وراقبوا النواحي، فنظروا إلى ناحية القرافة فرأوا الجمال التي تحمل الذخيرة الواصلة من علي باشا إلى القلعة، ومعها أنفار من الخدم والعسكر وعدتهم ستون جملاً، فخرج عليهم حجاج الخضري ومن معه من أهالي الرميلة فضربوهم وحاربوهم وأخذوا منهم تلك الجمال)
واستمر نضال حجاج على رأس هؤلاء الجنود المصرين الخلص حتى تم الامر بانتصارهم وتوليه محمد علي باشا على مصر، وجاء فرمان السلطان مقرأ بالأمر الواقع، وعند ذلك خرج موكب النصر المصري وعلى رأسه قواده المظفرون: وقال الجبرتي في وصف ذلك:
(اجتمع الناس، وطرائف العامة، وخررجوا من آخر الليل، وهم بالاسلحة والعدد والطبول إلى خارج باب النصر. . . وكثير من الفقهاء العاملين رؤوس العصب، واهالي بولاق ومصر القديمة والنواحي والجهات. . . وكبيرهم حجاج الخضري وبيده سيف مسلول وكذلك ابن شمعة شيخ الجزارين وخلافه، ومعهم طبول وزمور والمدافع. . . إلى ان وصلوا إلى الازبكية فنزلوا بيت محمد علي باشا، وحضر المشايخ والاعيان وقرأوا المرسوم). وبذلك تم انتصار الشعب، واخذ يتطلع إلى الحكم والسياسة. وما كان ذلك ليرضى الجنود الاتراك الذين تعودوا ان يكونوا سادة غير منازعين. فلما انتهى النضال الكبير بدأ التنافس والتنازع بين أهل مصر وبين الجنود. وكان حجاج ممثل ذلك التنازع