الفتنة تقع). . . ألا إن الطرب لأهله - عفا الله عنهم - وصديقي محمود ربيب بيت صلاح وورع وتحرّج وتقوى وأما أنا فكما قال هو: صاحبُ (مرح وانطلاق إلى سائر هذه الألفاظ الراقصة بألفاظها قبل معانيها) بل إن أهلي أنفذوني إلى باريس يأساً، وفي باريس وغيرها لهوت وعبثت وتلمست الطرب على ألوانه حتى أمست أذني - لا قوّمها الله ولا أصلحها - تنعم بالزلزال
ثم هل الأذن التي تزلزل فوق أقوالٍ للعرب مثل هذه:(طار القلب فرحاً، وخلع الحزن قلبه، ومزق أحشاءه، وفتّ كبده) إلى آخر ما هنالك من التعبيرات التي تذوي اللغة من دونها فينفض لونها
وهكذا ترى أن الأستاذ محموداً خذله الحظ هذه المرة. وذلك لأنه عدّ قصيدة الناي من (الشعر الجديد)، فخف يتلمس في مطاويها النبوَّ. فسقط على مطوي عربي صميم. ولعل الحظ ينصره عند قصيدة خارجة في عدد آت، إذ هي أبعد ذهاباً عن المألوف. وليطمئن الصديق إلى أني لن أجاذبه فيما يدق عن المقاييس القريبة فإنما أكتب اليوم على جهة التسلّي والتلهي
بشر فارس
جواب
عند الأستاذ صاحب الرسالة أخبار وأخبار عن المفتونين والمفتونات بمقالاتي ومؤلفاتي، وهو يتجاهل تلك الأخبار كما أتجاهل، ولكن من العقوق أن أتجاهل الخطاب الوارد من (ليلى من الليالي) على وزن (كاتب من الكتاب) كما تقول تلك الغيداء. ويظهر أن الدنيا بدأت تبتسم للروح الحزين الذي قضى دهره في نضال وصيال
وعطفُ قرائي عليّ هو تلك الابتسامة التي أستعين بها على دفع ظلمات الخطوب، وما خلا دهري من خطوب منذ اليوم الذي تقدمت فيه لرفع راية النقد الأدبي، وعند الله والحق جزائي.
وفي خطاب (ليلى من الليالي) أمرٌ كريم بأن يظل خطابها سرّاً مصوناً، وسيظل كذلك إلى أن ترفع الحجاب وتعترف بأن الأدب كالحب يجوز فيه الافتضاح