إيجاد ما يراد منها بأسرع الطرق وأسهلها. ولهذا السبب يختلف التصنيف المعجمي عن التصنيف الصرفي والنحوي اختلافاً كلياً، ويكون هذا التصنيف ألفبائياً - بوجه عام - لكي يستطيع كل فرد أن يجد أية كلمة من الكلمات فيه، بمجرد تذكر ترتيب الحروف الهجائية في الألفباء. . .
غير أن المعاجم العربية تشذ عن هذه القاعدة العامة شذوذاً غريباً، لأنها تصنف الكلمات تصنيفاً مفعماً بالالتواء والتعقيد، بحيث لا يستطيع أحد أن يجد كلمة من الكلمات إلا إذا عرف - مقدماً - مادتها الأصلية وكيفية اشتقاقها من تلك المادة بصورة تفصيلية.
فلو أراد أحد أن يراجع المعجم في كلمة (الاستيلاء) مثلاً، فعليه أن يلاحظ بل كل شيء أن هذه الكلمة من باب (الاستفعال)، كما يعرف - سلفاً - أن مادتها الأصلية هي (ولى)، وعليه أن يبحث عنها - مستنداً إلى هذه المعلومات - في الصحائف الخاصة بحرف الواو فاللام. . . وأما إذا أراد أن يراجع المعجم في كلمة (الاستواء)، فعليه أن يعرف أنها من باب (الافتعال) وإن مادتها الأصلية هي (سوى)، فعليه أن يبحث عنها - مستنداً إلى معلوماته هذه - في الصحائف الخاصة بحرف السين فالواو. . . غير أنه إن كان لا يعرف ذلك فمن العبث أن يراجع القاموس ويقلب صفحاته، لأن القواميس العربية لا تدل على مواضع مثل هذه الكلمات إلا لمن يعرف مثل هذه الدقائق الصرفية واللغوية حق المعرفة.
أليس ذلك مخالفاً لأبسط قواعد التعلم ولأوضح مبادئ التعليم. . .؟
لنأخذ مثالاً آخر: لنفرض أننا طلبنا من أحد الطلاب أن يبحث في المعجم عن كلمتي: الاستعانة، والاستكانة. . . إن هاتين الكلمتين متشابهتان ومتقاربتان من حيث اللفظ والكتابة؛ فإن الحروف الثلاثة الأولى مشتركة كلتيهما، وكذلك الحروف الثلاثة الأخيرة؛ والفرق بينهما ينحصر في الحرف الرابع وحده، مع كل هذا فإن موقع كل منهما في المعجم يتباعد عن موقع الأخرى تباعداً غريباً جداً؛ فعلى الطالب الذي يبحث عن هاتين الكلمتين في المعجم، أن يعرف أن الكلمة الأولى من باب (الاستفعال) من مادة (عون) فيراجع من أجلها حرف العين فالواو؛ كما عليه أن يلاحظ أن الكلمة الثانية قد تكون من باب (الاستفعال) من مادة (كون) أو من باب (الافتعال) من مادة (سكن)؛ فعليه أن يراجع حرف الكاف فالواو نظراً للاحتمال الأول، وحرف السين فالكاف نظراً للاحتمال الثاني.