يستوعب منهم أساليبهم وأفكارهم وآراءهم وما يدعونه إليه من موائدهم.
فهل ينصف هؤلاء الكتاب هذا الشباب؟ أتراهم قد عرفوا قدر أنفسهم عند الشباب فعبئوا له قواهم احتفالاً بشأنه وحرصاً على مصيره الذي هو مصير الأمة ومصير مدنيتها؟ أنا لا أرى ذلك إلا في القليل ممن عرفهم الشباب وجعلهم نصب عينه، واتخذ أساليبهم فتنة يهوى إليها
ناقد يتكلم
وأنا أدع أحد الكتاب من إخواننا الشآميين يتحدث بعض ما نحن بسبيله، وهو الأخ (قسطنطين زريق) في كتابه (الوعي القومي) فقد قال في ص (١٦٢ - ١٦٣):
(لسنا نعيش اليوم في عصر ترف عقلي ورفاهية فكرية. في عصور الترف والرفاهية قد يسمح للكاتب أن يقول: (لي الحق أن أكتب ما أريد وأعبر عما في نفسي كما أشاء). . . إن عصرنا عصر أزمة فكرية وضيق عقلي. وكما أنه لا يسمح للناس في زمن الأزمة المالية أن يبذروا أموالهم في سبيل شهواتهم الخاصة وأمورهم التافهة، فكذلك يجب إلا يسمح لقادة الفكر في عصر الضيق العقلي والأزمة الفكرية أن بددوا قواهم على المسائل الطفيفة والأبحاث الجزئية.
فعلى كل منا عندما يهم بكتابة مقال أن يتساءل بصراحة:(إلى ماذا أرمي؟ أتراني أضيف بمقالي فوضى إلى هذه الفوضى الفكرية التي يتخبط فيها عالمي، وأقذف بعنصر جديد إلى العناصر التي تتطاحن في محيطي، فأزيد في بلبلة أمتي واضطرابها الفكري، أم أنا أعمل لتوجيه قوى هذه الأمة العقلية نحو فكرة صائبة أو عقيدة واضحة؟)
فإذا لم تكن غايته من هذا النوع الأخير، فخير له وللأمة أن تظل كلماته مدفونة في نفسه، وان يبحث له عن طريقة أُخرى يخدم بها أمته ولغته). اهـ
إن هذه الكلمات القلائل التي ختم بها الأستاذ زريق بحثه عن الأدب الذي يقود الأمة وشبابها إلى إنقاذ المدنية العربية والإسلامية والشرقية من ردغه الخبال التي تورط أهلها في أوحالها ومستنقعاتها - حقيقة بأن تكون من (محفوظات). كبار الأدباء الذين يرمون عن أقلامهم أراء وعقائد وأساليب لا يمكن أن تكون مما يحتملها مخلص لأمته، ينظر إلى المستقبل الذي هو ثمرة الماضي والحاضر، ونتاج اللقاح الفكري الذي تتقبله عقول الشباب