للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصنع منه شيئاً، بل طرأ عليه الضعف فلم يرض أن يشهر على هذا الضعف سلاحاً من نفسه وإنما غطاه بستر منها كان غشاً لكل من حسبوه قسيساً، وكان حجاباً حال بينه وبين التغلب على نفسه. . . فألم به ما ألم به من تشتت البال في الموازنة بين مظهره الطاهر، وبين الكامن من اللوثة في نفسه. . . هذا القسيس كان سليم المظهر ولكنه كان الكافر المشوه النفس، الذي ترجمه هيجو بذلك الأحدب العاجز ببدنه عن إغراء الغجرية. . . إن هذا القسيس هو أحدب نوتردام أكثر مما كأنه الأحدب. . . فإن الأحدب قد دلته طويته السليمة إلى حركة بلهاء أراد بها أن يغري فاتنته. . . إذ غطى لها يوماً البشاعة في وجهه وكشف لها عن عينه الرقراقة الحلوة، ونظر إليها كمن يقول لها ادخلي إلى نفسي من هذا المنفذ، ولو كان في الفتاة حكمة، ولو لم يكن بها من نزق الجمال والصبا طيش وخفة، فلعلها كانت تحبه إن أنعمت التفرس في عينه تلك، ولكنها لم تكن من الحكمة. . . أو لم تكن من البذل بالرأفة. . . وعلى أي حال فالذي يعنينا هو أن الأحدب وجد في نفسه شيئاً جميلاً عرضه، ولكن القسيس الأحدب الروح لم يجد عند روحه ما يعرضه على غانيته! إنه قسيس، وكان يستطيع على الأقل أن يكون مثلما كان الشاعر المجنون محباً على غير أمل، وكان على هذا يستطيع أن يحملها على حبه، وكان بعد هذا يستطيع أن يسلمها (لنوتردام) مادام قد أقام نفسه في (نوتردام) راعياً. . . ولكنه لم يفعل شيئاً من هذا وانخذل أمام نزوة من نزوات نفسه. . . فكان على علمه وعلو شأنه، وسلامة بدنه أشقى حالاً من الأحدب، فقد رضى الأحدب أن يتمنى الجمود والتحجر وأن يروض نفسه عليهما، أما هو فقد أبى إلا أن يشعل النار في الدنيا وأن يضرب الناس بالناس حقداً وغلاً وعمى عن واجبه وحقه. . .

- إذن فإن هذا هو الأحدب

- إنه على الأقل الأحدب الأول. وقد كنت أحب أن يمثله لاوتون، فهذا الدور من غير شك معرض لعواطف وتقلبات أكثر من الطارئة على الأحدب الآخر. . .

- ولكن هذا الدور لم يلتفت إليه أحد هذه اللفتة، وإنما يعنى أبطال التمثيل بالدور الآخر. . .

- لعل ذلك لأنه أظهر لعيون، ولأن تمثيله يحتاج إلى مكياج بارع يتحدى الممثلون بعضهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>