بعضاً بإجادته وإتقانه. وهذا عيب من عيوب السرعة الآخذة برجال الفن في هذا العصر، وقد كنت أحسب لاوتون ينجو منها هذه المرة كما نجا منها مرة سابقة في بؤساء هيجو أيضاً. . . فإنه ترك دور جان فلجان لفردريك مارش ومثل هو دور جافيير البوليس السري، وجافيير كان أبأس من جان فلجان نفساً وأشقى روحاً وإن كان يظهر لجان فلجان أنه الأبأس. . . كما أن الناس يحسبون قارع الأجراس في أحدب نوتردام أنه الأحدب بينما ذاك القسيس هو الأحدب. . .
- ولماذا لا يكونان بائسين، وأحدبين؟. . .
- هما بائسان وهما أحدبان حقاً. . . ولكن البائسين أحدهما تجسد البؤس فيه وظهر فخف عنه تكاثف البؤس وانحباسه في نفسه، والآخر توارى البؤس بين جنبيه واستتر فهو ينفث سمه في داخله ولا ينتثر من بؤسه شيء خارج نفسه، والأحدبان أحدهما تفجر بالقبح بدنه فانزاح القبح عن روحه، والآخر ازدرد هذا القبح وهو لا يفتأ يجتره فهو غذاؤه ومادة عيشه. . . هذه هي شجرة الزقوم التي يأكل منها الكافرون لا تطعمهم ولا تسمنهم ولا تغنيهم من جوع، وأسوأ ما فيها علمهم بغصتها، وأسوأ من هذا نهمهم إليها وشغفهم بها. . . ما كان أروع لاوتون لو أنه مثل هذا الأحدب!. . .
- ومن كان يمثل الأحدب الآخر؟
- أي واحد! بوريس كارلوف مثلاً
- ولكن بوريس جامد أصم
- كان أمام لاوتون لا يستطيع إلا أن يتحرك. . . فبوريس مسكين. كل ما يسندونه إليه من الأدوار شاذة كثيرة الحركة، وما أقل الفرص التي أعطوها ليمثل. . . فإذا لم يكن بوريس يعجبكم فقد كان على لاوتون أن يمثل الدورين معاً وهذا ممكن في السينما. . . إنني حسبت حساب هذا مع هذه الأرقام التي كنت أكتبها. . .
- ولكن هذا عمل شاق قد لا يستطيعه ممثل
- إن لاوتون يستطيعه، ولكنها فكرة لم تخطر له حين كان يدرس الأحدب، فلا ريب أنه أسرع في دراستها أكثر مما أسرع في دراسة البؤساء، فوقع على أحدب المظهر وفاته أحدب المخبر؛ ولا ريب أيضاً أنه وضع في قرارة نفسه نية المباراة مع المرحوم لون