والتطبيق؛ فإذا قرأت للقرآن وتدبرت آياته وجدت في تشريعه عناية ببيان هذه الأصول العامة وحض الناس على المحافظة عليها. فإن أردت المثال فارجع إلى قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم) وقوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا. وأحل الله البيع وحرم الربا). (يمحق الله الربا ويربي الصدقات) وقوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة. . .). وقوله تعالى:(والجروح قصاص). وقوله تعالى:(الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم). وقوله تعالى:(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة). وقوله:(يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) وقوله: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً). وقوله:(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)
هذه سنّة القرآن في التشريع لم تتخلف إلا في النزر اليسير. استنها ليكون تشريعه نظاماً لجميع الأمم، وليبقى صالحاً على مرور الزمن. فهو الشريعة العامة التي تمهد لتحقيق الجامعة الإنسانية وتهيئ العقول لتتجه وجهة واحدة في تبيين الحق وتقدير الجزاء ووضع المعاملات على أسس ثابتة، وإنماء الأموال بطرق خالية من الخداع، وتدبير الشؤون الاجتماعية على نمط يحقق المصلحة العامة؛ ثم هو يقارب بين الأمم المختلفة حتى تتعاون جميعا في العمل إلى خيرهم مجتمعين. ذلك لأن الأحكام الجزئية والفصل في الحوادث المتجددة لا يستقر مع الزمن ولا يصلح لكل مكان، لأن الناس في تطور لا ينتهي إلى غاية، وفي تجدد ليس له نهاية
فإذا رجعنا إلى ما شرعه الإسلام في الأموال من أصل وجدنا أنه أسس التعامل فيها على الرضا إذ يقول (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) ويقول (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) وإذن فليس علينا عند التفصيل إلا أن نرد كل عقد إليه على ألا يتعدى ذلك حقوقنا وألا نخرج به عن رشدنا، فإن تعدينا الحدود بالخديعة والغش فقد اقترفنا الإثم الكبير وأذنا الله ورسوله بالحرب
يعجب كثير من الناس لتحريم الربا وقد زعموا أنه دعامة التجارة وعماد العمارة ومدعاة