متبحراً في الرياضيات والفقه عالماً بأجزاء الحكمة الأخرى، قد استغرق حب الكيمياء عقله ووقته. وكان فقهاء زمانه يقولون: إنه يدري أربعة وعشرين فناً دراية متقنة، وكان جماعة من الحنفية يشتغلون عليه بمذهبهم، (. . . ويحل لهم مسائل الجامع الكبير أحسن حل مع ما هي عليه من الإشكال المشهور وكان يتقن فن الخلاف والعراقي والبخاري وأصول الفقه وأصول الدين. . .)، وعلى الرغم من ذلك، فقد وجد في قومه من يتهمه في دينه، وقد يكون هذا الاتهام آتياً من اهتمامه بالعلوم العقلية وتعمقه فيها. ونظم أحد الشعراء المعاصرين لكمال الدين البيتين الآتيين اللذين تبين منهما الفكرة التي كانت سائدة عند الناس في دينه:
أجدك إن قد جاد بعد التعبس ... غزال بوصل لي وأصبح مؤنسي
وعاطيته صهباء من فيه مزجها ... كرقة شعري أو كدين ابن يونس
ويقول ابن أبي أصيبعة:(. . . كان كمال علامة زمانه وأوحد أوانه وقدوة العلماء وسيد الحكماء، قد أتقن الحكمة وتميز في سائر العلوم. . .) برع في الحساب ونظرية الأعداد وقطوع المخروط وكتب في المربعات السحرية والجبر والسيمياء والكيمياء والأعداد المربعة والمسبع المنتظم والصرف والمنطق، وقد حل مسألة تتعلق بإنشاء مربع يكافئ قطعة من دائرة. ويقال إن الأبهري الذي سبق ذكره قد برهن على صحة حل إبن يونس وعمل في ذلك مقالة. وعلى ذكر الأبهري نقول إن له مؤلفات قيمة في علم الهيئة والإسطرلاب ورسائل نفيسة في الحكمة والمنطق والطبيعيات والإيساغوجي
ويقول سارطون:(. . . إن كمال الدين من أعلم علماء زمانه ومن كبار المعلمين - أو هو المعلم العظيم - ومن أصحاب النتاج الضخم، وهو مجموعة معارف شتى في العلوم والفنون. . .) ويمكن القول إنه كان لبحوث كمال الدين قيمة كبرى عند علماء عصره وأثر في تقدم العلوم
لقد سبق كمال الدين غاليلو في معرفة بعض القوانين التي تتعلق بالرقاص، فقال سمث:(ومع أن قانون الرقاص هو من وضع غاليلو إلا أن كمال الدين بن يونس لاحظه وسبقه في معرفة شيء عنه. وكان الفلكيون يستعملونه لحساب الفترات الزمنية أبناء الرصد. . .) ومن هنا يتبين أن العرب عرفوا شيئا عن القوانين التي تسيطر على الرقاص ثم جاء من